مع انتشار فيروس كورونا، وقرار تعطيل المدارس والجامعات، بات التوجه إلى التعليم الإلكتروني هو الحل الأمثل، مما سيؤثر على شكل قطاع التعليم في المستقبل، خاصة بعد الزيادة غير المسبوقة عليه، فقد أصبحت كل خطة عمل تتضمن كيفية التواصل والتعلم عن بعد.
تشير بعض الدراسات أن دمج التكنولوجيا والتعليم، سيعمل على رفع استيعاب الطالب في تلقي المعلومات، بسبب الاعتماد على التكنولوجيا، وأن تحول الطلاب إلى التعليم الرقمي لن يؤثر على كفاءة المنظومة التعليمية، فحسب بيرسون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن ٧٥ ٪ من أولياء الأمور يؤمنون بأن الذكاء الاصطناعي يجعل التعليم أكثر متعة.
“الظروف خلقت فرصة ذهبية للتعليم عن بعد، وأطلقنا حملات تحث الشباب العربي على تحدي الملل بالتعلم”
رندة مشتهى، مديرة المحتوى في المنتور.نت
بالتأكيد تغير شكل المنظومة التعليمية سيكون له تأثير كبير على مستقبل الشركات الناشئة المختصة بالتعليم الإلكتروني، سواء من حيث تسيير الأعمال، وتطوير المحتوى أو توجه الاستثمارات لها. نستعرض في هذا التقرير آراء بعض تلك الشركات في العالم العربي.
شركة أي سكول ISchool في مصر قررت التوجه إلى تقديم خدماتها أونلاين مع بداية قرار الإغلاق، وستعمل على إطلاق المنصة قريبا بشكل أكثر ملائمة وسهولة للطلاب.
يقول محمد جاويش المدير التنفيذي في الشركة: “أصبح هناك تقبل أكثر للتجربة بين أولياء الأمور، والنتائج حتى الآن جيدة، فالظروف الحالية أجبرت أولياء الأمور على الفكرة، وبالتالي اقتنعوا بها”.
ويضيف جاويش أن النتيجة في التعليم الأونلاين تكون أفضل أحيانا، بسبب نسبة التركيز الأعلى وعدم التشتيت.
أى سكول هي نظام تعليم موازي، يمد الأطفال والمراهقين من سن ٤ سنوات وحتى ١٧ سنة، بالمعارف التكنولوجية المختلفة، مثل لغات البرمجة وعلم الروبوت وعلوم الإتصالات وتصميم الجرافيك.
“الآن هو الوقت الأمثل للاستثمار في تكنولوجيا التعليم، مع الطلب المتزايد على المدارس للتحول للتعليم الإلكتروني”
عمر فاروقي، مؤسس Coded minds
أما في الإمارات فترى رندة مشتهى مديرة المحتوى في المنتور.نت almentor.net أن قطاع التعليم الرقمي أصبح يتربع على رأس قائمة الصناعات في الأسواق في ظل هذه الظروف، فصعوبة وقسوة الأوضاع الحالية جعلت من البيوت مقراً للأعمال وفصولاً دراسية للطلاب، فمع تعليق جزء كبير من الأنشطة الروتينية وإصابة حركتنا اليومية بالشلل المؤقت، ظل العلم مطلباً”.
تقول مشتهى: “كان لا بد للمدارس والمؤسسات التعليمية ومراكز التدريب من مواصلة عملها وتلبية احتياجات شركائها، وكذلك المؤسسات والشركات حرصت على الإبقاء على خططها التدريبية لموظفيها، فتحولت كافة المساعي التي فرضت التباعد الاجتماعي لإيجاد حلول بديلة وسريعة متاحة، من خلال منصات التعلم إونلاين، ذلك إضافة إلى الفراغ الناتج عن التزام الناس بيوتها، مما خلق رغبة في كسب وتعزيز وتطوير المهارات لدى الأفراد”.
وتضيف “لا شك أن الظروف التي يعيشها العالم بأسره خلقت فرصة ذهبية لقطاع التعليم عن بعد، والذي بات جزءاً من كل خطة عمل، وكل دراسة جدوى. نحن قرأنا المسؤولية قبل الفرصة، ومسؤوليتنا في توفير الحلول لمجتمعاتنا، وتعزيز ثقافة الشباب العربي. فأطلقنا حملات تحثهم على تحدي الملل، بالعلم والتعلم”.
انطلقت منصة المنتور في عام ٢٠١٦، وتضم مكتبة من دورات الفيديو التدريبية الحصرية وحوارات تحفيزية وكلمات فيديو مصورة للخبراء والمتخصصين في مجالات متعددة مثل الصحة، والتكنولوجيا، وريادة الأعمال، والعلوم الإنسانية، وإدارة الأعمال.
وقد أغلقت الشركة في العام الماضي جولتها التمويلية الأولى بقيمة ٤,٥ مليون دولار، ليرتفع إجمالي التمويل الذي حصلت عليه إلى ٨ مليون دولار.
ومن جانبه يرى عمر فاروقي مؤسس Coded Minds، أن الآن هو الوقت الأمثل للاستثمار في تكنولوجيا التعليم، مع الطلب المتزايد على المدارس للتحول للتعليم الإلكتروني.
ويضيف أن كورونا أثر على كل الأعمال في العالم، وبالتأكيد أثر عليهم أيضا. “مع ذلك كان لدينا دائما خطط لتطوير الجزء الأونلاين في عملنا، لكن الآن الأمر يتعلق أكثر بالطلاب وأولياء الأمور ليتكيفوا مع تغير شكل التعليم”.
انطلقت Coded Minds في عام ٢٠١٧، وتقدم دروسا في التكنولوجيا والبرمجة.
في الأردن، توفر شركة المفكرون الصغار Little Thinking Minds ٣ منصات رئيسية، بجانب تطبيقاتها للهواتف الذكية. الأولى هي اقرأ بالعربية، وهي منصة تعليمية للناطقين باللغة العربية، تحتوي على أكثر من ٧٠٠ كتاب وفيديو وتهدف إلى تحسين اللغة العربية لدى الطلاب في مرحلة الحاضنة والإبتدائية خاصة في المدارس الخاصة، التي يغلب عليها اللغات الأخرى في المناهج التعليمية. الثانية هي منصة أبدأ بالعربية الموجهة لغير الناطقين باللغة العربية سواء الأجانب الموجودين بدول الخليج، أو العرب الموجودين بالدولة الأجنبية، والمنصة الثالثة هي “كي جي أرابيك” KG Arabic، التي تحتوي على مصادر تعليمية باللغة العربية ليستعين بها المعلمين والأباء في تدريس الأطفال في مرحلة ما قبل التعليم الإبتدائي.
تقول راما كيالي المديرة التنفيذية في الشركة: “سنشهد تطورا هائلا في قطاع التعليم الإلكتروني، علينا جميعا خلق طرق مبتكرة للوصول إلى الطلاب في كل مكان”.
وتضيف أن الفترة القادمة تحتاج لتحسين أدوات قياس وتتبع للبيانات، للحصول على نتائج أفضل، كما أن الشركات والحكومة عليها التعاون وإيجاد طرق مبتكرة للوصول إلى نتائج تعليم أحسن لجميع الطلاب.
تتيح المنصة حاليا الاستخدام المجاني للمدارس الجديدة. “زادت مشاركة المعلمين والطلاب على منصتنا بشكل كبير، نحن نركز الآن على المدارس أكثر، لكن سنتوجه في الفترة المقبلة لأولياء الأمور”. الحديث لكيالي.
أما في السعودية، تتيح منصة رواق Rwaq الاستخدام المجاني للجميع. “أصبحت فرصتنا للنمو كبيرة خلال الفترة القادمة، مع زيادة الإيمان بالتعليم الإلكتروني” الحديث لمصعب فؤاد المدير التنفيذي لرواق.
ويضيف فؤاد أن الطلب على المنصة ارتفع في الأسابيع الماضية. “ازداد عدد المستخدمين تقريبا الضعف عن الفترة الماضية، والخطط المستقبلية هي التركيز على البرامج ذات الجودة العالية”.
ويرى فؤاد أن المستقبل هو للتحول الإلكتروني على جميع الأصعدة، وللتعليم الإلكتروني أيضاً بجميع أشكاله سواء المعتمد على الموك (MOOC) أو غيره.
“يتطلع الناس لتطوير حياتهم المهنية.. أكثر الكلمات بحثا الآن هي التعلم عبر الإنترنت”
رولا بادكوك، شريكة مؤسسة في شرفة
وفي جدة تختص منصة شرفة Shorfaa بتقديم دورات في مجال التصميم والفنون وريادة الأعمال، تتيح للأشخاص تعلم أنواع مختلفة من المهارات الإبداعية التي تمكن الأشخاص من تطوير أنفسهم لمواكبة تحديات العصر الرقمي.
تقول رولا بادكوك شريكة مؤسسة في شرفة: “نعتقد بأن المحتوى العربي ضعيف للغاية من ناحية دراسة الفنون والتصميم لذلك قمنا بإتاحة هذه الفرصة للجمهور حتى يمكنهم التعلم من أي مكان وفي أي وقت”.
وتضيف: “هناك طلب متزايد على التعلم الإلكتروني، يتطلع الناس لتطوير حياتهم المهنية، أكثر الكلمات بحثا الآن هي التعلم عبر الإنترنت”.
تؤمن شرفة بأهمية التعليم المستمر للأفراد والذي يساعد على رفع مهاراتهم وتأمين أشكال من العمل غير النمطي.
“أغلب المنصات غير مبتكرة ولا تجذب الطلاب للتعلم. لكن الآن، الكل يعمل لبناء شيء مختلف”
هيثم الحيدري، المدير التنفيذي في مدرس
أما هيثم الحيدري المدير التنفيذي في منصة مدرس Modaris في قطر، فيرى أن فيروس كورونا أظهر أن أنظمتنا التعليمية لم تلحق بركب التكنولوجيا، وأن الطلاب بإمكانهم التعلم بشكل أسرع وأسهل من خلال التعليم الفردي الإلكتروني.
يقول الحيدري: “مشكلات التعليم الإلكتروني هي الثقة والتكنولوجيا، أغلب الناس لم يكن عندهم ثقة في التعليم من خلال الإنترنت، سواء بالدفع أونلاين أو في كفاءة المدرسين، إلا أن الوضع الحالي أجبرهم على التجربة، وبالتالي أدركوا أن خوفهم في غير محله”.
يختتم الحيدري حديثه: “بالنسبة للتكنولوجيا، أغلب المنصات غير مبتكرة ولا تجذب الطلاب للتعلم. لكن الآن يعمل الكل بجهد لبناء شيء مختلف، وهذا ما سيظهر خلال ٢٠٢٠، وسيكون ذلك المعيار الجديد”.
اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.