fbpx

هل يمكن لمصر تحويل التحديات المناخية إلى فرص تنموية؟

هل يمكن لمصر تحويل التحديات المناخية إلى فرص تنموية؟

رسم تقرير للبنك الدولي حمل عنوان “تقرير المناخ والتنمية في مصر“، خارطة طريق طموحة، لكن معقدة، نحو تحقيق تنمية اقتصادية منخفضة الانبعاثات وقادرة على الصمود في وجه التغير المناخي.

لكن هل يمتلك الاقتصاد المصري الأدوات والمرونة اللازمة لتطويع هذه الرؤية الطموحة وتحويلها إلى واقع قابل للتنفيذ؟ هذا ما نحاول تفكيكه.

نقطة الانطلاق: بين المخاطر المناخية والأعباء الاقتصادية

التقرير لا يطرح القضية البيئية بمعزل عن الواقع الاقتصادي، بل يؤكد أن العمل المناخي ليس رفاهية بل ضرورة لحماية مكتسبات التنمية. مصر تُعد من بين الدول الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي، سواء عبر ندرة المياه، أو ارتفاع منسوب سطح البحر، أو موجات الحر الشديدة التي تضرب المدن والقرى والحقول الزراعية.

🔹 الرسالة الأساسية: التكيف مع المناخ ضروري للحفاظ على معدلات النمو، وفرص العمل، وتحسين جودة الحياة.
🔹 لكن التحدي الأكبر: كيف يمكن تمويل هذا التكيف دون إثقال كاهل الاقتصاد الوطني أو المواطن؟

الاقتصاد الأخضر: عبء أم فرصة؟

يضع البنك الدولي تصورًا متوازنًا: نعم، التكيف يتطلب استثمارات ضخمة، لكنه في المقابل يفتح الباب أمام فرص نمو جديدة. فعلى سبيل المثال، الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر يمكن أن يولّد وظائف في الطاقة المتجددة، والنقل النظيف، وإدارة المياه والنفايات.

مصر بحاجة لاستثمارات تقدر بـ 246 مليار دولار على مدار العقدين القادمين لتحقيق أهداف التخفيف من الانبعاثات والتكيف المناخي، بحسب التقرير.

هنا تبرز أهمية الشراكات مع القطاع الخاص، وخلق بيئة تنظيمية ومالية تسمح بتوجيه رأس المال نحو المشاريع المستدامة.

المياه في قلب المعادلة

في بلد يعيش على شريط ضيق من نهر النيل، تُعد أزمة المياه التحدي الأكبر. التقرير يُسلّط الضوء على هشاشة قطاع المياه في مواجهة التغير المناخي، ويقترح حزمة من الإجراءات تشمل:

  • تحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة (القطاع الأكثر استهلاكًا)
  • الاستثمار في تحلية المياه، وإعادة استخدامها
  • إصلاح تسعير المياه لضمان العدالة والكفاءة الاقتصادية

هذه الإجراءات ليست فقط بيئية، بل تنموية أيضًا، لأنها تعني زيادة الإنتاجية، وتقليل الهدر، وتحفيز الابتكار الزراعي.

المدن… نقطة التحول الحقيقية

التقرير يشير إلى أن المدن المصرية هي الجبهة الأمامية لمواجهة تغير المناخ، سواء بسبب الكثافة السكانية أو الضغط على البنية التحتية أو التوسع العمراني غير المخطط.

من هنا، يوصي التقرير بإجراءات مثل:

  • تبني كود بناء مقاوم للحرارة والفيضانات
  • تطوير النقل العام الكهربائي والنظيف
  • إنشاء مساحات خضراء حضرية
  • تحفيز التمويل المناخي المحلي عبر البلديات

إذًا، المعركة ليست فقط في الريف أو السواحل، بل في قلب القاهرة والإسكندرية والمنصورة.

العدالة المناخية: من يتأثر؟ ومن يدفع؟

يركز التقرير على البعد الاجتماعي للعمل المناخي، محذرًا من أن الفئات الأكثر فقرًا هي الأكثر عرضة لتبعات التغير المناخي، وفي الوقت ذاته، الأقل قدرة على التكيف معه.

وبالتالي، فإن السياسات المناخية يجب أن تكون عادلة وشاملة، تدمج الحماية الاجتماعية، وتُراعي العدالة الجغرافية بين المحافظات.

سياسة مناخية بأهداف تنموية

تقرير البنك الدولي لا يقدّم وصفة جاهزة، بل دعوة جادة لإعادة التفكير في شكل النمو الاقتصادي في مصر. الرؤية التي يقترحها ليست فقط بيئية، بل تنموية واستثمارية أيضًا.

التحدي الأساسي هو بناء نموذج تنموي متكامل قادر على خلق وظائف، وتحسين نوعية الحياة، وتقوية صمود المجتمعات، دون الوقوع في فخ الديون أو التباطؤ الاقتصادي.

في النهاية، النجاح في تنفيذ هذه الأجندة سيكون مرهونًا بـ3 عناصر أساسية:

  1. إرادة سياسية واضحة
  2. إصلاحات مؤسسية عميقة
  3. شراكات حقيقية بين القطاعين العام والخاص

السؤال الآن: هل نواجه التغير المناخي؟ بل: كيف نحوله إلى فرصة للنمو؟

اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.