تقف مصر اليوم أمام لحظة حاسمة في مسارها التنموي، حيث تواجه أزمة مناخية متفاقمة تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن المائي، الغذائي، والاقتصادي، وفي المقابل، تمتلك البلاد فرصة ذهبية لقيادة التحول الأخضر في المنطقة من خلال التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة، بحسب تقرير شامل صدر بالتعاون بين شركة إنطلاق ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.
أزمة مناخية متصاعدة
يضع التقرير مصر ضمن أكثر الدول تأثرًا بالتغير المناخي عالميًا:
- نصيب الفرد من المياه العذبة انخفض إلى 480 م³ سنويًا — أقل من نصف الحد الأدنى العالمي للندرة المائية (1,000 م³).
- أكثر من 22,000 وفاة مبكرة سنويًا بسبب تلوث الهواء في القاهرة الكبرى، بتكلفة اقتصادية تصل إلى 2.4 مليار دولار سنويًا.
- ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية منذ الستينات يهدد إنتاجية الزراعة والعمالة.
- %19 من الأراضي الزراعية في دلتا النيل معرضة للغرق في حال ارتفاع منسوب البحر بـ 0.5 متر.
مصر تمتلك المقومات… لكنها
رغم التحديات، تمتلك مصر إمكانيات فريدة لتكون قوة إقليمية في الاقتصاد الأخضر:
- قدرة تقنية للطاقة الشمسية تتجاوز 60 جيجاوات، وطاقة رياح تتعدى 30 جيجاوات.
- تخرّج سنوي لأكثر من 200 ألف مهندس وعالم في مجالات STEM.
مشروع بنبان للطاقة الشمسية أصبح من الأكبر عالميًا بقدرة 1.8 جيجاوات. - خطط لهيدروجين أخضر بإجمالي 18 مليون طن سنويًا — الأعلى في إفريقيا.
ولكن بحسب مؤشر انتقال الطاقة العالمي (ETI) الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، حلت مصر في المرتبة 75 عالميًا، خلف المغرب (65) والإمارات (52)، ما يعكس فجوة بين الطموح والسياسات الفعلية.
التمويل والتصنيع: ثغرات استراتيجية
- القطاع الخاص يشارك بنسبة تقل عن 20% من تمويل مشاريع الطاقة النظيفة في مصر، مقارنة بـ 38% في المغرب و45% في جنوب إفريقيا.
- أقل من 7% من خريجي STEM ينضمون إلى قطاعات التكنولوجيا المناخية.
- النساء يشكلن أقل من 15% من القوى العاملة في الطاقة المتجددة، ويحصلن على أقل من 3% من تمويلات الشركات الناشئة في القطاع.
- أسعار الفائدة التجارية تصل إلى 18%، ما يعوق تمويل الشركات الناشئة.
خطة إصلاح شاملة
يدعو التقرير إلى إطلاق خطة وطنية لتحفيز التحول الأخضر، تشمل:
- إصلاح قانوني شامل لتبسيط إجراءات الشركات الناشئة في التكنولوجيا النظيفة.
- إنشاء أدوات تمويل خضراء مثل الضمانات، الصناديق المختلطة، وسندات الاستدامة.
- استثمار في الشبكة الكهربائية الذكية وتقليل فاقد الطاقة الذي يفوق 10%.
- دمج المناطق الريفية والنساء في مشروعات التحول عبر برامج تدريبية وحوافز.
- توطين التصنيع الأخضر في مناطق صناعية مثل “السخنة” و”العاشر من رمضان”.
مصر بحاجة إلى الانتقال من الطموح إلى الإنجاز
“التحول الأخضر لم يعد خيارًا، بل ضرورة اقتصادية ومناخية”، بحسب التقرير، الذي يدعو إلى التخلي عن “فكر المشاريع المنفصلة” والتحول نحو “نظام بيئي شامل” يدمج بين السياسات، التمويل، الصناعة، والابتكار المحلي.
اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.
