fbpx

“التلوث البلاستيكي”.. الخطر الصامت الذي يُهدد اقتصاد المنطقة

“التلوث البلاستيكي”.. الخطر الصامت الذي يُهدد اقتصاد المنطقة
المصدر: Pexels

“مفيش حاجة اسمها التلوث البلاستيكي، اللي نعرفه ان البلاستيك ده موجود في الحاجات اللي مصنوعة من البلاستيك، ومش ملوثة خالص، هتعمل ايه يعني ولا تتسبب في ايه”، ذلك كان رأي مواطن من المنطقة عن ظاهرة ” التلوث البلاستيكي” التي بدأت العديد من المنظمات البيئية التحذير من خطورتها على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخسائر الاقتصادية التي من الممكن أن تسببها فضلًا عن تأثيراتها البيئية والصحية الخطيرة.

غرينبيس تتحرك

تنوه منظمة منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الخطر الذي ينتظر المنطقة من جراء ذلك النوع من التلوث، محذرة من أن هناك ملايين الأطنان من البلاستيك التي تدخل المحيطات سنويًا، ويتحول جزء كبير منها إلى ميكروبلاستيك.. في عام 2019، قدرت الأمم المتحدة أن العالم ينتج حوالي 400 مليون طن من البلاستيك سنويًا، ويتم تحلل الكثير منه إلى ميكروبلاستيك. كما أظهرت الدراسات أن البشر يستهلكون حوالي 50 ألف جزيء من الميكروبلاستيك سنويًا عبر الطعام والماء.

وتُعد هذه المشكلة بارزة بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تسجّل أعلى بصمة بلاستيكية للفرد في العالم، حيث يُقدَّر أن المواطن في المنطقة يطلق أكثر من 6 كيلوغرامات من النفايات البلاستيكية إلى المحيطات سنويًا، وفقًا للبنك الدولي. وفي الوقت نفسه، تفتقر بلداننا إلى أنظمة فعّالة لإدارة النفايات.

توضح “جرينبيس” أن في البحر الأبيض المتوسط، تم رصد تركّزات عالية من الجزيئات البلاستيكية الدقيقة، بلغت في بعض المناطق ما يصل إلى 1.25 مليون جسيم في الكيلومتر المربع الواحد.

مخاطر بيئية وسياحية 

 على الصعيد البيئي، تُسبب الميكروبلاستيك اضطرابات كبيرة في النظم البيئية بسبب تلوث التربة والمياه. هذه الجسيمات البلاستيكية الصغيرة تتراكم في البيئة وتؤثر سلبًا على الكائنات الحية، مثل الأسماك والطيور والكائنات البحرية الأخرى، مما يهدد التنوع البيولوجي ويعرّض بعض الأنواع للخطر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر المواد الكيميائية المضافة إلى البلاستيك، مثل المواد المثبّتة، المواد الملدنة، والمواد المطفئة للحريق، على صحة الكائنات الحية وتؤدي إلى تدهور البيئة على المدى الطويل.

 يمتد تأثير التلوث البلاستيكي على النظم البيئية البحرية إلى ما هو أبعد من المخاوف البيئية، إذ ينطوي أيضاً على عواقب اقتصادية خطيرة. فسبل عيش المجتمعات الساحلية التي تعتمد بشكل كبير على البحر، ولا سيما الصيادين، أصبحت مهددة على نحو متزايد. 

فرح الحطاب”، مسؤولة الحملات في منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

كما يعاني قطاع السياحة، الذي يُعد ركناً اقتصادياً أساسياً للعديد من الدول الساحلية، من هذه الأزمة. فالشواطئ المليئة بالنفايات البلاستيكية تُنفّر الزوار، وتُلحِق الضرر بالأعمال المحلية التي تعتمد على السواحل النظيفة والجذابة. ويؤدي تدهور الشعاب المرجانية، الذي تفاقمه ملوثات البلاستيك الدقيقة، إلى تقليص جاذبية السياحة البحرية، بدءاً من الغوص والغطس وصولاً إلى الجولات البيئية لمراقبة الحياة البحرية.    

تهديد للأمن الغذائي

كذلك الجزيئات البلاستيكية الدقيقة تُعيق عملية البناء الضوئي لدى النباتات، مما يهدد الإنتاج الغذائي العالمي ويعرّض ما يصل إلى 400 مليون شخص إضافي لخطر الجوع خلال العقدين المقبلين. الجزيئات البلاستيكية الدقيقة تتراكم في التربة، مما يعيق النباتات من امتصاص ضوء الشمس ويؤثر سلباً على عملية البناء الضوئي للنباتات الأرضية والطحالب البحرية والعذبة. وكنتيجة لذلك، قد تنخفض الغلال الزراعية عالمياً بنسبة تتراوح بين 4% و14%.

التداعيات المتسلسلة لا تقتصر على تفاقم انعدام الأمن الغذائي، بل تشمل أيضاً اختلالات في علاقات المفترس والفريسة، وعدم استقرار عام في النظم البيئية. وقد يُهدد ذلك الأمن الغذائي العالمي وصحة الأنظمة البيئية التي تعاني بالفعل من ضغوط هائلة.

المصدر: غرينبيس

وتُمثّل هذه النتائج تهديداً كبيراً للمجتمعات التي تواجه بالفعل أزمات مناخية وغذائية. ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، يعاني أكثر من 40 مليون شخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي. وتحذّر الدراسة من أن الآثار السلبية للجزيئات البلاستيكية الدقيقة على الأمن الغذائي العالمي ستتفاقم مع مرور الوقت نتيجة تراكمها في التربة، مما يزيد من معدلات التعرّض الغذائي والمخاطر الصحية المرتبطة بها.

 خسائر اقتصادية

يوضح البنك الدولي، أن التلوث البلاستيكي  يكلف بلدان المنطقة نحو 0.8% من إجمالي الناتج المحلي، في المتوسط، كل عام. ويؤثر التلوث بالنفايات البلاستيكية على السياحة ومصائد الأسماك والنقل البحري وحياة الناس في جميع أنحاء المنطقة.  

بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فأن القضاء على التلوث البلاستيكي، سيتطلب الأمر تعبئة موارد كبيرة وتعاونًا دوليًا، حيث ستكون هناك حاجة لأكثر من 2.1 تريليون دولار أمريكي في الفترة 2025-2040 لتحسين أنظمة إدارة النفايات الصلبة وضمان جمع البلاستيك وإعادة تدويره والتخلص منه بشكل كافٍ.

عن السلبيات الاقتصادية التي يمكن أن تهز الاقتصاد العالمي جراء التأخر عن مكافحة ذلك النوع من التلوث تشير ورقة بحثية نشرتها جامعة “كامبريدج” أنه في حال عدم اتخاذ أي إجراءات، فإننا نقدر تكلفة الأضرار الناجمة عن تلوث البلاستيك من عام 2016 إلى عام 2040 بما يتراوح بين 13.7 و281.8 تريليون دولار أمريكي. تشير هذه التقديرات إلى احتمال أن تكون تكاليف التقاعس عن العمل أعلى بكثير من تكاليف العمل الفعلي. 

جرس إنذار

تُظهر الدراسات أن تقليل إنتاج البلاستيك واستبداله بمواد بديلة يمكن أن يقلل من إنتاج البلاستيك بنسبة 47٪ في عام 2040. وهذا من شأنه أن يقلل من تلوث البلاستيك في النظم البيئية الأرضية والمائية، وإذا لم نتخذ أي إجراء لمعالجة التلوث البلاستيكي، فقد تكون تكلفة الأضرار البيئية العالمية (التي تُقدر بما يتراوح بين 14,000 و282,000 مليار دولار أمريكي) أعلى بكثير من تكلفة اتخاذ إجراءات لإنهاء التلوث البلاستيكي. ستُحقق هذه الإجراءات بالتأكيد مكاسب بيئية، كما قد تُحقق مكاسب اقتصادية، لكن هذا يتطلب مزيدًا من البحث لتقليل هامش عدم اليقين وتأكيد أن التقاعس عن العمل أكثر تكلفة بكثير من العمل الفعلي.

اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.