شهدت مصر في عام ٢٠٢٥ إصدار قانون عمل جديد يهدف إلى تطوير التشريعات المنظمة لسوق العمل، بما يتوافق مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين بيئة العمل لتعزيز الاستثمار وحماية حقوق العمال وأصحاب العمل على حد سواء. يأتي هذا القانون كتحديث للقوانين السابقة، مثل قانون العمل رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣، لمواكبة التحديات المعاصرة مثل التحول الرقمي والعمل عن بُعد.
أهم التغييرات والمميزات في القانون الجديد
١. تعزيز حقوق العمال
- زيادة الحد الأدنى للأجور لتتناسب مع متطلبات المعيشة ومواجهة التضخم.
- تنظيم ساعات العمل الإضافية وضمان تعويضها ماديًا أو بوقت إجازة.
- حماية العمالة غير المنتظمة (العمل المؤقت) عبر توفير ضمانات اجتماعية وصحية.
٢. تشجيع الاستثمار ومرونة سوق العمل
- تبسيط إجراءات التوظيف للشركات الأجنبية والمحلية لتشجيع جذب الاستثمارات.
- إدخال عقود العمل المرنة مثل العقود قصيرة الأجل والعمل عن بُعد، مع تحديد حقوق وواجبات كل طرف.
٣. الحماية من الفصل التعسفي
- تقييد أسباب الفصل وتشديد العقوبات على المخالفين.
- إنشاء لجان فض منازعات عمل سريعة وفعالة لتقليل التقاضي الطويل.
٤. تمكين المرأة وتكافؤ الفرص
- منع التمييز في الأجور بين الجنسين.
- توسيع إجازات الأمومة وتوفير حضانات في أماكن العمل للشركات الكبرى.
٥. التركيز على الصحة والسلامة المهنية
- إلزام أصحاب العمل بتوفير بيئة عمل آمنة وتدريب العمال على إجراءات السلامة.
- فرض غرامات كبيرة على المخالفين في هذا المجال.
- عالج القانون الجديد أشكال العمل الحديثة، مثل العمل عن بُعد، والعمل عبر المنصات الرقمية، والعمل الجزئي، والعمل المرن في أوقات غير منتظمة، بالإضافة إلى نمط تقاسم الوظيفة بين عدة أشخاص مقابل أجر متفق عليه.
يقول “محمود أبو شرخ”، المدير التنفيذي لشركة “برايت“، المتخصصة في تقديم البرمجيات كخدمة (SaaS) ومقرها القاهرة: “في البداية يجب أن ننوه أن القطاع الخاص يعمل به حوالي 80% من الموظفين، أي أنه يتحمل الجزء الأكبر من التوظيف بالبلاد، ولذلك قد يكون القانون الجديد حافزًا لبعض المستثمرين بأن البلاد تتمتع بأجور مستقرة (معدلات زيادة منخفضة)، لأن الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، على سبيل المثال، تُخصص معظم دخلها للرواتب”.
يضيف: “لوائح العمل في مصر مصر أفضل قليلاً من دول مجلس التعاون الخليجي في حقوق العمال، لأنه مثلا لا يُسمح بالإضراب في دول مجلس التعاون الخليجي، كما أن الزيادة السنوية في دول مجلس التعاون الخليجي أقل من غيرها مصر، وفي نفس الوقت لن نغفل أيضا في تناولنا لتلك النقطة أن التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي ليس مرتفعاً كما هو الحال هنا”.
تحديات متوقعة
تقول شبكة BBC، في تقرير عن القانون الجديد، أنه تنص المادة 12 من قانون العمل الجديد على استحقاق العاملين بعد سنة من تعيينهم على علاوة سنوية دورية لا تقل عن 3% من الأجر التأميني، بدلا من نسبة الـ 7% من الأجر الأساسي في القانون الحالي في ضوء القواعد التي يصدرها المجلس القومي للأجور.
وعبر تصريحات نقلتها الشبكة، يدافع رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب المصري عادل عبد الفضيل عن تلك المادة ويقول إن النسبة المستحدثة أعلى من حيث القيمة، فهي 3% من الأجر التأميني الذي يزيد بشكل دوري سنويا، عكس الأجر الأساسي الذي لا يزيد إلا بقرار من صاحب العمل أو الحكومة.
نص القانون على عدم جواز تشغيل العامل أكثر من 8 ساعات يوميا أو 48 ساعة أسبوعيا، مع العلم بأن متوسط ساعات العمل يصل إلى 40 ساعة أسبوعيًا.
يستكمل “محمود” حديثه، قائلا: “الزيادة السنوية: كانت 7% سابقًا، والآن أصبحت 3%. في الواقع، نسبة 7% منخفضة؛ كما أن وصول ساعات العمل إلى ٤٨ ساعة أسبوعيًا، تعتبر كبيرة نوعا ما، حيث أثبتت نماذج العمل من 30 إلى 36 ساعة نجاحًا في دول أخرى، أحيانًا ساعات عمل أقصر قد تعني كفاءة أفضل”.
“إجازة الأمومة أمُددت إلى 4 أشهر في القانون الجديد، كما أن إجازة الأبوة يجب أن تكون أطول من 3 أيام، تعزيزًا للم شمل الأسرة ومنح الأسر الوقت الكافي لمتابعة أمور حياتهم المعيشية والترفيهية بشكل يتناسب مع أعباء الحياة.
محمود أبو شرخ”، المدير التنفيذي لشركة “برايت”
يمثل قانون العمل الجديد خطوة مهمة نحو تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل بما يحقق التوازن المطلوب بين الحقوق والواجبات، لذلك ينبغي أن يتوافر الرضاء بي كل الطرفان للوصول بسفينة العمل لبر الآمان، فإذا لم يحصل العامل على حقه المادي والمهني فلن يستطيع أن يقدم ما يستحقه العمل، فضلا عن شعوره بعد التقدير وضياع مجهوده هباء، وهو ما يلقي بظلاله الوخيمة على الاقتصاد القومي ككل، وفي نفس الوقت ينبغى أيضا أن يتم مراعاة حقوق أصحاب الأعمال، فهم عصب الاقتصاد والاستثمار، ينبغي أن لا ننسى أن دائرة العمل لن تدور بمنح مزايا لجانب مع إغفال حقوق الجانب الأخر.
اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.