داخل بقالة صغيرة، محمود إبراهيم، صاحب البقالة، الأطفال الخارجين من المدارس، متعطشين لشراء المياه الغازية والمقرمشات. يقول: “حتى أحصل على هذه البضائع، أتعامل مع أكثر من ٧ تجار جملة”، فبقالة إبراهيم تقع في منطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، على أطراق القاهرة، حيث تقل زيارات الموزعين الكبار والمصنعين الرئيسيين.
هنا تعتمد البقالات على تجار الجملة أو تجار نصف الجملة. يتطلب وصول البضائع من المصانع إلي الأماكن النائية سلسلة طويلة من التجار الأكبر فالأصغر فالأصغر، وكلما ابتعدت البقالة عن المركز كلما طالت السلسلة.
“الأسعار بتختلف كل يوم، يمكن النهاردة حاجة مثلا نقصت ١٠ جنيه وهو مش حيبلغني”
محمود إبراهيم، أحد عملاء مكسب
يروي محمود مشكلاته مع تجار الجملة، “الأسعار بتختلف كل يوم، يمكن النهاردة حاجة مثلا نقصت ١٠ جنيه وهو مش حيبلغني”. مشكلة أخرى يواجهها محمود، هي تعامله مع عدد ضخم من التجار للحصول على كل احتياجاته، مما يتطلب معه إضاعة وقت طويل في البحث عن السلعة التي يريديها ومدى توافرها عند التجار، مع عدم قدرته على تتبع فارق السعر بين كل تاجر وآخر.
مشكلات إبراهيم صارت أقل بعد دخول “مكسب” Maxab إلى السوق، وهي شركة ناشئة في مجال النقل واللوجستيات، تسعى لتقليل الوسطاء بين المصنعين وصغار بائعي التجزئة.
فكرة هندية للسوق المصري
داخل مخزن ضخم للبضائع يبعد أقل من ساعة من بقالة محمود، يقف محمد بن حليم، مدير العمليات والشريك المؤسس لشركة مكسب.
“شاهدنا الفكرة في الأسواق الهندية، واعتقدنا أن الفكرة مناسبة جدا للسوق المصري”، كما يقول حليم. تعتمد فكرة مكسب على بناء مخازن حول مصر في الأماكن النائية لتجميع السلع الأكثر طلبا بين باعة التجزئة. يستطيع التاجر والبقال أن يستخدم تطبيق مكسب كي يحدد البضائع التي يحتاجها. فور استقبال الطلب، تتولى عربات النقل والدراجات النارية نقل البضائع من المخزن إلى متجره.
حاليا، تملك مكسب مخزنا واحدا، يغطي احتياجات ٣٣ منطقة في القاهرة الكبرى، بمنطقتي القليوبية وشبرا الخيمة.
يقول حليم أن مشكلات نقل البضائع للبقالات الصغيرة، ترفع من سعرها، فكل تاجر في سلسلة تجار الجملة يضيف هامش ربح، يتحمله في النهاية المستهلك. “هدفنا هو توفير أفضل سلع، بأقل سعر ممكن”، كما يوضح.
“أما في الأماكن النائية، فقد لايستطيع البقال أن يخاطر بشراء بضائع بمبالغ كبيرة، فيمتنع عن الشراء أو يستدين”
وائل لهيطة، مدير النمو في “مكسب”
المشكلة الأخري التي تحلها مكسب، هي عدم قدرة البائعين الصغار على شراء البضائع بكميات كبيرة تجذب الموزعين إليهم. “في الأحياء الراقية، يستطيع البقال أن ينفق أكثر من ألف جنيه على شراء سلعة كالزيت والتونة”، والحديث لوائل لهيطة، مدير النمو في مكسب، “أما في الأماكن النائية، فقد لايستطيع البقال أن يخاطر بشراء بضائع بمبالغ كبيرة، فيمتنع عن الشراء أو يستدين”، ونتيجة لقلة الطلب، تمتنع الشركات عن زيارة هذه المناطق.
يقول وائل: “من خلال تطبيق مكسب، يستطيع البقال أن يطلب أقل السلع، وسنصلها إليه مهما كانت الكمية”.
ويقول البقال محمود إبراهيم، أن هذه الخاصية تحديدا كانت الأكثر فائدة له على الإطلاق، “أستطيع حتى أن أطلب عدد قليل من علب التونة، أو عبوات الشاي، وتتولى مكسب توصيلها لي دون اعتراض”.
وحصلت مكسب في سبتمبر ٢٠١٩ على استثمارات تبلغ ٦ ملايين دولار في جولة تمويل مبدئية، من صندوق استثمار “بيكو كابيتال” BECO Capital، “فور دي إكس فينشرز” 4DX Ventures، وآخرين، وهو ما ستستخدمه الشركة في التوسع سريعا.
ويقول حليم أن سوق التجزئة في مصر يتجاوز ٥٠ مليون دولار، وأغلبه في أيدي البقالات الصغيرة وليس سلاسل التجزئة الضخمة، مضيفا أن الشركة ستتوسع أيضا في استخدام البيانات كمصدر آخر للربح.
“نستطيع من خلال تعاملاتنا اليومية أن نوفر معلومات دقيقة عن العادات الشرائية للجمهور طبقا للمناطق الجغرافية، وهي معلومات شديدة الأهمية المصنعين والمنتجين”.
اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.
