في ظل التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، بعد الضربات الإسرائيلية على مواقع داخل الأراضي الإيرانية، عادت المخاوف العالمية إلى الواجهة بشأن احتمال إغلاق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات المائية لتصدير النفط والغاز الطبيعي المسال في العالم. يُشكل المضيق شريانًا حيويًا لاقتصادات دول الخليج والعالم، حيث يمر عبره قرابة 20 مليون برميل نفط يوميًا، أي نحو خُمس الإمدادات العالمية. فما احتمالية إغلاقه؟ وما تداعيات ذلك على الأسواق؟
مضيق هرمز: شريان الطاقة العالمي تحت التهديد
يمر عبر المضيق، الذي يربط الخليج العربي ببحر عُمان، حوالي 30% من النفط المنقول بحرًا عالميًا، إضافة إلى 20% من تجارة الغاز الطبيعي المسال. وتُعد الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية أكبر المستوردين، بينما تعتمد دول مثل السعودية والإمارات والعراق عليه لتصدير أكثر من 90% من إنتاجها النفطي.
لماذا الإغلاق “مستبعد” رغم التهديدات؟
رغم التصريحات الإيرانية المتكررة منذ 2018 باحتمال إغلاق المضيق ردًا على العقوبات أو الهجمات، يرى خبراء الطاقة والجيوسياسة أن السيناريو غير مرجح للأسباب التالية:
- تداعيات اقتصادية على إيران: وفقًا لـ إيلين والد (شركة ترانسفيرسال للاستشارات)، فإن الإغلاق سيضر بمصالح طهران أولًا، إذ تعتمد على تصدير النفط عبره، كما أن 75% من صادراتها النفطية تذهب إلى الصين، التي ستُعارض أي اضطراب يرفع الأسعار.
- عقوبات وعزلة دولية: يقول أنس الحاجي (مستشارو توقعات الطاقة): “إغلاق المضيق سيدفع المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات قاسية ضد إيران، بما في ذلك تدخل عسكري محتمل”.
- صعوبة تنفيذية: يوضح الخبراء أن المضيق واسع (55-95 كم)، وتسيطر عليه قوات بحرية متعددة، بما فيها الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين.
هل هناك بدائل؟
نعم، لكنها محدودة:
- خط أنابيب شرق-غرب السعودي (طاقة 5 ملايين برميل يوميًا).
- خط الفجيرة الإماراتي (1.5 مليون برميل).
- خط غوره-جاسك الإيراني (350 ألف برميل).
لكن هذه البدائل لا تغطي سوى 15% من إجمالي النفط المار عبر هرمز.
تأثيرات قصيرة الأمد: صدمة الأسعار
حتى دون إغلاق كامل، أدت التهديدات إلى قفزة في أسعار النفط الأسبوع الماضي:
- برنت: ارتفع 6.5% إلى 73.88 دولارًا للبرميل.
- خام غرب تكساس: قفز 6.7% إلى 72.57 دولارًا.
وتحذر وكالة الطاقة الدولية من أن أي تعطيل قد يدفع الأسعار فوق 100 دولار، خاصة مع محدودية الاحتياطي العالمي.
السيناريو الأسوأ: من يدفع الثمن؟
- آسيا: ستكون الأكثر تضررًا، خاصة الصين التي تستورد 60% من نفطها عبر المضيق.
- أوروبا: قد توافق على صدمة في أسعار الغاز المسال، رغم اعتمادها الأقل على النفط الخليجي.
- إيران نفسها: وفقًا لـ بنك الكومنولث الأسترالي، أي إغلاق سيعزز تحالفًا دوليًا ضدها، وقد يُفقدها دعم حلفاء مثل الصين.
رغم أن التاريخ يُظهر أن إيران لم تنفذ تهديداتها السابقة بإغلاق المضيق، إلا أن التصعيد الحالي يزيد من حدة المخاطر. في الوقت الذي تُراهن فيه الأسواق على ضبط النفس من الجانبين، تبقى تهديدات مضيق هرمز ورقة ضغط إيرانية قد تُحرك الأسعار، حتى لو ظلت حبيسة الخطاب السياسي. الأكيد أن العالم، من المستهلكين إلى المنتجين، ليس مستعدًا لعصر من اضطرابات الطاقة التي قد تُعيد رسم التحالفات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وخارجه.
اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.