fbpx

قراءة في تعديلات قانون ضريبة القيمة المضافة في مصر

قراءة في تعديلات قانون ضريبة القيمة المضافة في مصر

في بيان صادر خلال شهر يونيو الماضي، عن مصلحة الضرائب المصرية، أعلنت الحكومة عن حزمة من التعديلات “المحدودة” في قانون ضريبة القيمة المضافة، وسط وعود بعدم المساس بالإعفاءات المقررة على السلع الأساسية والخدمات الحيوية. لكن ما يبدو على السطح كتصحيح تقني للتشريعات، يكشف عند الفحص العميق عن تحولات استراتيجية في الطريقة التي تسعى بها الدولة لتوسيع قاعدتها الضريبية، وضبط علاقتها مع قطاع الأعمال، وتحقيق ما تسميه “العدالة الضريبية”.

توسيع القاعدة الضريبية: استجابة أم رقمنة مقنّعة؟

البيان الحكومي يؤكد أن التعديلات جاءت “استجابة لممثلي بعض القطاعات الإنتاجية”، لكن المضمون يعكس توجهًا أوسع نحو إدماج القطاع غير الرسمي عبر أدوات فنية مثل خصم الضرائب على المدخلات وتحفيز المقاولين على تقديم فواتير ومشتريات مفصلة. الرسالة واضحة: إذا أردت الاستفادة من الإعفاءات والتحفيزات، عليك أن تدخل المنظومة الإلكترونية.

لماذا هذا مهم؟

التحول إلى منظومة إلكترونية متكاملة يعني أن الدولة تتجه إلى خلق بنية رقمية للرقابة المالية، بما يسمح لها برصد سلاسل القيمة والتدفقات المالية بشكل أكثر دقة، ويقلص من مساحة التهرب الضريبي، خاصة في قطاعات مثل المقاولات والخدمات.

المقاولات: ربح محتمل.. ورقابة مضاعفة

من أبرز التعديلات، خضوع خدمات المقاولات للسعر العام لضريبة القيمة المضافة بدلًا من ضريبة الجدول بنسبة 5٪، مع إتاحة خصم الضرائب على المدخلات، سواء كانت سلعية أو خدمية.

النتيجة المحتملة:

هذا يعني أن تكلفة الخدمة قد تنخفض، ولكن بشرط الإفصاح الكامل عن جميع المدخلات والفواتير، ما يمثل عمليًا امتدادًا للرقابة الضريبية على سلاسل التوريد في هذا القطاع.

السمة التجارية.. كلمة السر في فرض الضرائب العقارية

البيان يُعيد طرح مفهوم “السمة التجارية” كوحدة تحليل ضريبية:
▪︎ الوحدات الإدارية في المولات والمراكز التجارية ستخضع لضريبة بنسبة 1٪ من القيمة البيعية أو الإيجارية،
▪︎ أما المحلات والوحدات الإدارية في المناطق “العادية” فستظل معفاة.

 الإشكالية:

هذا التمييز بين “التجاري” و”غير التجاري” لا يخلو من هوامش رمادية. ففي بيئة عقارية غير منظمة، قد تفتح هذه المادة الباب أمام نقاش قانوني وتنفيذي حول ماهية “السمة التجارية”، وربما خلق سوق موازٍ للالتفاف على هذا التصنيف.

البترول الخام والسجائر والكحول

تم فرض ضريبة جدول بنسبة 10٪ على البترول الخام، في خطوة تبدو رمزية أكثر منها عملية، إذ أن الهيئة العامة للبترول هي المشترى الوحيد. الرسالة هنا تتعلق بـ التوازن المحاسبي داخل ميزانية الدولة، وليس بسوق البترول نفسه.

في المقابل، جاءت زيادة الضريبة على السجائر (50 قرشًا فقط) بعد عامين من الثبات، بينما فُرض نظام ضريبي تصاعدي جديد على المشروبات الكحولية حسب نسبة الكحول، تماشيًا مع توصيات منظمة الصحة العالمية.

التأويل الممكن:

هذه الضرائب تعكس سياسة “استهداف ما يمكن استهدافه”: منتجات ضارة مجتمعيًا لكنها ضعيفة التمثيل سياسيًا، ما يجعلها “ضحايا مثالية” لأي تعديل ضريبي، من دون إثارة احتجاجات شعبية.

اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.