يحذر سيباستيان سييمياتكوفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة Klarna السويدية، من أن العالم لم يستعد بعد لتبعات الموجة القادمة من الذكاء الاصطناعي، التي قد تمحو ملايين الوظائف في قطاعات تعتمد على “العمل المعرفي” — من البنوك إلى الترجمة.
“هناك تحوّل ضخم قادم في طبيعة الوظائف المعرفية، ولا يقتصر الأمر على القطاع المالي فقط، بل سيمتد إلى المجتمع بأسره”، قال سييمياتكوفسكي في مقابلة مع شبكة بلومبرغ.
موجة الذكاء الاصطناعي.. أكثر من مجرد أداة
بحسب سييمياتكوفسكي، لا يزال كثير من رواد التكنولوجيا يتجاهلون التأثير الحقيقي للذكاء الاصطناعي على سوق العمل.
وأوضح:
“نعم، الذكاء الاصطناعي سيُخلق عدد من الوظائف الجديدة، لكن ذلك لا يساعد المترجم في بروكسل الذي لن يصبح مؤثرًا على يوتيوب غدًا”.
سيباستيان سييمياتكوفسكي، الرئيس التنفيذي لشركة Klarna
الذكاء الاصطناعي له حدود
اشتهرت Klarna بخدمة “اشتر الآن وادفع لاحقًا”، لكنها وجدت نفسها أمام ضغوط مالية بعد انتهاء طفرة التكنولوجيا المالية في 2022.
ولمواجهة ذلك، استثمرت الشركة بكثافة في الذكاء الاصطناعي لتقليص التكاليف — إذ خفّضت عدد موظفيها من 7400 إلى نحو 3000 موظف فقط، مع رفع الرواتب لتحفيز الكفاءات.
لكن رغم نجاح التجربة في تحسين الكفاءة، اكتشفت Klarna أن للذكاء الاصطناعي حدوده:
فقد استعادت الشركة جزءًا من موظفي خدمة العملاء في 2025، بعد ملاحظتها أن المستخدمين لا يزالون يفضلون التواصل البشري المباشر عند التعامل مع القضايا المعقدة.
الذكاء الاصطناعي لا يغني عن الإنسان
يرى سييمياتكوفسكي أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أداء مهام متكررة بدقة وجودة عالية، لكنه لا يستطيع بعد استبدال “اللمسة الإنسانية” في خدمة العملاء.
“يمكنك بناء الثقة عبر مهام محددة ينفذها الذكاء الاصطناعي، بسبب اتساقه وجودته، لكن البشر يظلون ضروريين في المواقف التي تتطلب تفهّمًا وتعاطفًا.”
الشركة التي أصبحت قاعدة عملائها تتجاوز 114 مليون مستخدم حول العالم، حصلت مؤخرًا على ترخيص أموال إلكترونية في المملكة المتحدة، ما يمكّنها من توسيع خدماتها المالية ومنافسة لاعبين كبار مثل Revolut.
نهاية الأرباح المبالغ فيها؟
يرى سييمياتكوفسكي أن انتشار الذكاء الاصطناعي سيُحدث تحولًا هيكليًا في قطاعات كاملة مثل البنوك والبرمجيات، إذ سيتراجع مفهوم “الأرباح الزائدة” مع دخول منافسين جدد أكثر سرعة وكفاءة.
“البنوك التقليدية ستتحول في النهاية إلى مؤسسات تركز فقط على إدارة الميزانيات وتحقيق العائد على رأس المال، دون الابتكار الحقيقي.”
Klarna بين الذكاء الاصطناعي والتجربة الإنسانية
تجربة Klarna تمثل نموذجًا واقعيًا لتحديات الشركات في عصر الذكاء الاصطناعي:
- الاعتماد المفرط على الأتمتة قد يقلل التكاليف، لكنه يضعف العلاقة مع العملاء.
- إعادة دمج العنصر البشري، ولو جزئيًا، يمكن أن يستعيد الثقة والجودة.
الموازنة بين الذكاء الاصطناعي والكفاءة الإنسانية هي المفتاح الحقيقي للتحول الرقمي المستدام.
اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.