الشعور بالوحدة، والعار، والذنب، والاكتئاب هم شركاء كل رائد أعمال يحاول بناء شركة ناشئة. نعم، تتجلى هذه المشاعر مع كل خطوة في رحلة رائد الأعمال لتحقيق رؤيته، أو إدارة فريقه، النجاح وسط منافسة شرسة.
منذ ٢٠١٢، وأنا أقدم جلسات إرشاد لرواد الأعمال، أحاول مساعدتهم في شركاتهم الناشئة، وهي جلسات تركز على تصميم نموذج العمل والتحقق من صحته واختبار مدى نجاحه، وتعريف القيمة المقدمة من الشركة لعملائها.
اصنع لنفسك روتينا يوميا يعطيك مساحة للتنفس. خصص لنفسك وقتا لهواياتك وأحبائك. هذا يتطلب قدرا “كبيرا من الالتزام بجدول صارم، فاعط لنفسك مهلة حتى تستطيع أن تحقق هذا الهدف.
هاني نجيب
في الفترة الأخيرة، أصبحت هذه العبارات تتكرر كثيرا:
“لن أنام حتى أحصل على التمويل”
“لن أنام حتى أطلق المنتج الجديد في السوق”
“لن أنام حتى أطلق المنتج الجديد في السوق”
“لن أنام حتى أنتهي من تعيين الفريق”
“لا أعرف أحدا يفهم التحديات التي أواجهها كي أناقشها معه”
“أشعر أنني فاشل. أحس بالعار بسبب الهزيمة”.
“أشعر بالخجل والعار، ولا أستطيع أن أواجه زملائي في العمل”
“لا أستطيع أن آكل أو أشرب”.
أستمع لمثل هذه العبارات من رواد الأعمال بشكل يومي تقريبا، ولكن أكثر مايثير قلقي هذه الفترة، هو التحذير الذي صرت أسمعه أكثر من المعتاد:
“أشعر أنني أريد إنهاء حياتي”
“إن رحلت عن الحياة اليوم، كيف سيتذكرني الناس؟”
“هل سيفتقدونني، أم سيسخرون مني؟”
عزيزي رائد الأعمال، إن كنت تشعر بالاكتئاب والوحدة والانعزال، فاعلم أنك لست وحدك. يكاد يكون” الاكتئاب هو الشريك الخفي لكل رائد أعمال في رحلته”
هاني نجيب
حين أنصح بعضهم باللجوء لطبيب نفسي، أكتشف أن بعضهم لا يملك ما يكفي لدفع أجر الطبيب. بل إن بعضهم بشعر بالذنب لمجرد التفكير في الأنفاق على صحتهم النفسية، بدلا من توفيرها لشركتهم الناشئة.
وحين أقترح عليهم اللجوء لأصدقائهم وعائلاتهم، يقولون:
“لا أستطيع أن أثق في أي أحد وأخبره بحالتي، قد يكلفني هذا التمويل المنتظر للشركة”.
“المستثمرون قد يفقدون ثقتهم في”
“عائلتي ستذكرني بأنهم حذروني من أن أبدأ شركتي الخاصة بدلا من البحث عن وظيفة”
“أصدقائي مشغولون في وظائفهم. لا أحد يملك وقتا كافيا للقائي”
عزيزي رائد الأعمال، إن كنت تشعر بالاكتئاب والوحدة والانعزال، فاعلم أنك لست وحدك. يكاد يكون الاكتئاب هو الشريك الخفي لكل رائد أعمال في رحلته.
أنا أعلم ذلك جيدا، وأسمعك بوضوح.
الآن، أرجوك أن تسمعني.
أنت لست شركتك الناشئة
يمزج الكثير من رواد الأعمال بين نجاح شركاتهم الناشئة ونجاحهم الشخصي. هذه طريقة قياس خاطئة. فشل شركتك لايعني فشلك الشخصي أنت فقط تعلمت درسا قاسيا حول ما يجب أن تتجنبه في المستقبل. من المهم أن تفهم جيدا لماذا فشلت الشركة. وفي محاولتك المقبلة، أراهن أنك ستتذكر هذه الدروس جيدا. فوق كل ذلك، أنت تعلمت الدرس الأهم: أنك لن تترك الظروف تعلمك هذه الدروس القاسية في المستقبل، بل سيكون لديك خطة لأن تعد نفسك جيدا وتكون أكثر استعدادا.
شركتك الناشئة هي وظيفتك، وليست حياتك. قد تنتهي الشركة مثلما تنتهي أي وظيفة، لكن حياتك ستستمر.
شركتك الناشئة ليست مذبح التضحيات
يؤمن أغلب رواد الأعمال الذين عملت معهم بأن النجاح نتيجة للتضحيات والعمل الشاق. هذا جزئيا صحيح. بناء شركة ناشئة يتطلب عملا شاقا بالفعل، ونعم، سيتطلب الأمر بعض التضحيات.
لكن، يجب عليك أيضا أن تهتم بالموتور الذي يحرك كل ذلك: جسدك وعقلك. حين تأكل جيدا، وتتدرب بشكل منتظم، وتستمتع بإجازة من حين لآخر، وتقضي وقتا ممتعا مع أحبائك، وتهتم بهواية ما، فإن ذلك كله ليس رفاهية. هذه النشاطات لها أهمية قصوى في تجديد طاقتك النفسية، وبالتأكيد سينعكس ذلك بفائدة على كل من حولك في العمل ويزيد من إنتاجيتهم.
شركتك الناشئة قد تستغرق جزء كبيرا من وقتك، لكنها مازالت جزء. نعم، هي جزء هام تستحق أن تضحي من أجله بوقتك، لكن ليس توازن صحتك النفسية والجسدية. وهذا التوازن يسمح لك بأن تنظر للأمور من وجهة نظر مختلفة، بعيدا عن الضغوط اليومية المعتادة. الاهتمام بسعادتك وسلامتك النفسية هو ما يضمن أن تملك الوقود الكافي كي تستمر في قيادة رحلة شركتك الناشئة.
الشركة ليست حياتك، لكنها انعكاس لحياتك. فرص الشركة في النجاح تزداد حين تكون انعكاسا لإنسان يعيش حياة سعيدة وصحية.
بغض النظر عما ستسفر عنه الرحلة، ستصبح أكثر وعيا بنفسك وماتستطيع تحقيقه. لاتخلط بين تطورك” الشخصي وبين نتيجة عملك. تعلم واكبر مع الرحلة”
هاني نجيب
العبرة ليست بالنهاية فقط
حين تبني شركتك، فأنت أيضا تبني حلا مربحا لمشكلة بعينها. ما تتعلمه أثناء بناء هذا الحل، هو في اكثر أهمية من الحل النهائي نفسه. لماذا؟ لأن ذلك يسمح لك باستمرار تطوير المنتج أو الخدمة كي تصبح أكثر مناسبة لاحتياجات العملاء.
أي منتج يبدأ دائما بنسخة مبسطة، أو مايطلق عليه “أصغر منتج قيم” Minimum Viable Product، الهدف منها هو اختبارها ومعرفة مشكلاتها وردود الأفعال حوله، ومن ثم تطويره مع الوقت. الأمر نفسه يحدث مع عقليتك كرائد أعمال، التي تبدأ بمنظور محدود ثم تتطور مع كل تحد تواجهه، فتدرك مع الوقت ما يجب عليك أن تفعله لتطوير هذه العقلية وتحسينها.
بغض النظر عما ستسفر عنه الرحلة، ستصبح أكثر وعيا بنفسك وماتستطيع تحقيقه. لاتخلط بين تطورك الشخصي وبين نتيجة عملك. تعلم واكبر مع الرحلة.
الآراء ليست حقائق
الكثير من رواد الأعمال يسألونني عن رأيي في شركاتهم الناشئة في أول جلسة بيننا.
الآراء ليست بهذه الأهمية.
لا أحد يستطيع أن يعطيك تقييما موضوعيا لشركتك الناشئة بعد محادثة قصيرة. لاتنهار حين يخبرك أحد المدراء في صندوق رأس مال مغامر كبير، أو رائد أعمال مشهور بأن فكرتك سيئة ولن تنجح. هل تعلم كم عدد الذين رفضوا الاستثمار في آير بي إن بي Airbnb لأن الفكرة لم تعجبهم؟
هل تعلم كم عدد المستثمرين الذين تسابقوا لضخ أموالهم في وي ورك WeWork، لأن الفكرة أعجبتهم؟
نجحت الأولى رغم كل التشكيك، ووصلت الثانية لحافة الانهيار رغم الدعم الهائل.
الآراء تظل آراء، أي إنها بطبيعتها ذاتية ونسبية. لا تعطها أكبر من حجمها.
هل تريد أن تحقق ذاتك؟
عرف ذاتك بكل اللحظات التي استقبلت فيها ضربات قوية، ثم قفزت لمواصلة القتال. وسيلتك لتحقيق ذاتك هو أن تتذكر اللحظات التي واجهت فيها مشكلات كبرى، وساندت فريقك، وأدرت شركتك في أوقات صعبة، وحققت الكثير بميزانية ضئيلة، في حين كان يمكن أن تبعثر أموالك، والأهم من ذلك، المرات التي استقبلت فيها الرفض بشموخ.
هذه هي اللحظات التي تظهر معدنك الحقيقي أمام نفسك.
لاتخلط بين حاجتك للتأكد من قيمة فكرة شركتك الناشئة، وقيمة نفسك. لن تكسب أي شئ من السعي وراء مجاملة أو اثنين من شخص تحترمه، ففي النهاية ستحصد على كل ماتتمناه نتيجة عملك. فقط، تذكر أن الأمر سيستغرق بعض الوقت.
“لا تخجل من طلب المساعدة. ولا تبعد عنها. اعط لذاتك المستقبلية هدية، وركز على مايهم”
هاني نجيب
عزيزي رائد الأعمال…
من المهم جدا ألا تترك نفسك تحت سيف الاكتئاب والوحدة والضغط الدائم. هناك الكثير من الراغبين في سماعك ومساعدتك، وأنا واحد منهم.
أنا أسمعك وأقدر ماتمر به، وأريد أن أخبرك أنك رائع وملهم.
اصنع لنفسك روتينا يوميا يعطيك مساحة للتنفس. خصص لنفسك وقتا لهواياتك وأحبائك. هذا يتطلب قدرا كبيرا من الالتزام بجدول صارم، فاعط لنفسك مهلة حتى تستطيع أن تحقق هذا الهدف.
فوق كل ذلك، لا تخجل من طلب المساعدة. ولا تبعد عنها. اعط لذاتك المستقبلية هدية، وركز على مايهم.
أنا أسمعك. فهل تسمعني؟
اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.