ماذا تفعل شابة في عمر الرابعة والعشرين في الوزارة؟ سارة سيف، أصغر معاون وزير في وزارة الدولة للإعلام، تشارك معنا تجربتها.
عندما أبدأ بالتعريف عن نفسي كمعاون وزير الدولة للإعلام في سن الرابعة والعشرين، تتباين ردود أفعال من حولي بين السعادة بوجود فتاة شابة في منصب قيادي، وبين هجوم البعض الآخر مصحوبا بسؤال “ماذا تعرف هي واقع العمل في مثل هذا السن الصغير؟” فأصبح بذلك في موضع حكم، وقولبة في الحال.
تلك هي حياتي وهذه هي قصتي.
قبل أن تتم ترقيتي وتعييني كمعاون لوزير الدولة لشؤون الإعلام، في نوفمبر ٢٠٢٠، عينت في منصب مدير إدارة الأزمات الإعلامية، في أبريل ٢٠٢٠.
جاء تعييني بهدف بناء وقيادة قسم جديد كليا في وزارة مستحدثة، حيث من مهامي تعيين موظفين، والاهتمام بهم، وخلق ثقافة ونظام للعمل. ونظرًا لأن نتائج العمل كانت تُعرض باستمرار على مستوى وزاري، كان من الضروري أن أحمل أيضًا مسؤولية اتمام العمل بأفضل صورة ممكنة، فلا مجال للأخطاء بأي شكل.
تمكنت من بناء فريق مكون من ١٢ فرد في وحدات مختلفة خلال خمسة أشهر. في خلال هذه الفترة، كان علي أن أوازن بين المهام المختلفة كمقابلة الصحافة، والوزراء ومعاونيهم، وكذلك المديرين التنفيذيين، وأصحاب الأعمال لدراسة أوجه التعاون المختلفة.
خلال الشهر الأول، شعرت بالرهبة أثناء العمل مع الوزير بشكل مباشر ويومي، بسبب إحساسي بأني أقل كفاءة، أو بمعنى أخر، بأني أصغر سنًا، إلى أن جاء يوم ما في الأسبوع الثالث، تلقيت فيه مكالمة من مكتب الوزير بضرورة إعداد ملخص عن أعمالي اليومية، وعرضه على الوزير، في مدة لا تتجاوز الخمس دقائق. كان أمامي ١٥ دقيقة فقط لتحضير هذا العرض، شعرت بالذعر، وحاولت الحفاظ على هدوئي حتى اتمكن من إنهاء المهمة المطلوبة. في أثناء ذهابي لغرفة الاجتماعات، تم إبلاغي بحضور خمسة وزراء آخرين في الاجتماع، الأمر الذي أربكني بشدة، ولكني تمكنت أخيرًا من استعادة هدوئي.
انضم الوزراء للاجتماع، وعرضت الملخص المطلوب بأريحية، وتم الأمر بشكل جيد، بل أنني لاحظت تسجيل أحد الوزراء لبعض الملاحظات حول المعلومات التي عرضتها، كما تلقيت ردود أفعال إيجابية حول العرض. أدركت وقتها أنه لم يكن هناك أي داعٍ للقلق. فإن كنت وزيرا أو مديرًا أوصاحب أعمال، أو شابًا حديث التخرج، فكلنا في نهاية الأمر بشر، لذا لا يوجد ما يستدعي الخوف والقلق.
لدى كل منا ما يقدمه للآخر، بغض النظر عن الجنس أو العمر أو الخبرة. أدركت أن الأمر لا يتعلق بنظرة من حولي بكوني شابة، فالأهم هو نظرتي لنفسي.
يشعر الكثير من الشباب وخصوصًا الفتيات، بعدم القدرة على المشاركة في صناعة واتخاذ القرارات بسبب مبررات تتعلق بصغر السن أو قلة الخبرة أو حتى لمجرد كونهن نساء، أو ببساطة لأن الرجال “أكثر دراية بطبيعة الأمور”.
تقول شيريل سانبيرج في كتابها Lean In، أنه يجب على النساء أن يتحولن من التفكير في “أنا غير مستعدة للقيام بذلك الأمر” إلى التفكير في”أنا مستعدة للقيام بذلك الأمر وسأتعلم من خلال قيامي به”، وهي مقولة أؤمن بها في حياتي بشكل عام.
نحتاج نحن النساء – وخاصة الأصغر سنًا- أن نفكر بهذه الطريقة. تلك الطريقة التي تؤكد أنه لا يوجد شخص في العالم يعرف كل شيء، فإذا كنت تعتقد بأن من حولك دائماً أفضل منك، وأكثر منك معرفة، ستظل دائمًا في موضع التابع.
وأنا شخصيًا اؤمن بأن الشباب وقدراتهم ستكون أولوية، لأننا محبون للعلم، ومثقفون، ولدينا القدرة على مجاراة العصر الذي نعيش فيه، والأهم أننا أكثر قدرة على الانفتاح والتصالح مع الذات. إذا كنت تفكر في أن من حولك لن يقدروك بسبب سِنك، فإنهم بالفعل سيفعلون ذلك. الأمر يتوقف على نظرتك وثقتك بنفسك، فإذا كنت تقدر ذاتك وتدرك قيمتك الخاصة، سيقدرك الآخرون ويؤمنون بك.
بالطبع، ستتعرض للهجوم، وسيشكك الآخرون في قدراتك، ويصدرون أحكاما عليك، وسيشعرون بالغيرة. كل ما ينبغي عليك فعله أن تثبت خطأهم، ليس لأجلهم، ولكن حتى تثبت لنفسك أولا أنك قادر على فعل ما تريد.
أتذكر عندما قلت أن البعض اعتقد أنني مازلت “صغيرة جداً” على تولي منصب مدير إدارة المخاطر، قبل حتى تعييني معاون للوزير. الأمر يتوقف فقط على المكانة التي استحقها، فكلما امتلكت طموحا أكبر، كلما وصلت لأبعد من ذلك.
في النهاية، أهم ما أريد التأكيد عليه، هو أنه إذا كنت الأصغر سنا في بيئة عملك، وإذا كنت صانع قرار، فلا تفكر في صغر سنك أنه عائق لك، بل ركز على قدراتك المميزة التي جعلتك جديرا بالوصول إلى هذه المرحلة في حياتك العملية، فسوف يغير هذا المنطق عالمك بأكمله.
إلى كل نساء العالم، صغارا أو كبارا، شاركوا في صناعة القرارات بقوة وثقة. فأنا مؤمنة بشدة بأن العالم يسير نحو الادراك، بأننا جميعا في العصر الحالي، صناع قرار.
اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.