كان عام ٢٠٢٠ جيدًا بالنسبة لشركات التكنولوجيا المالية في مصر، وذلك في خلال رحلتها الطويلة للنمو، فقد شهدنا فيه قانون البنوك الذي طال انتظاره، وأول شركة تكنولوجيا مالية تصنف على أنها يونيكورن (فوري)، وعدد من الإنجازات الأخرى التي وضعتنا على الطريق الصحيح.
يعتبر عام ٢٠٢١ امتدادًا لسابقه، إذ شكل استمرارًا في حالة النمو التي شهدها عام ٢٠٢٠، فهو العام الذي عزز مكانتنا كمركز واعد ومتزايد للتكنولوجيا المالية. عام للاحتفال بحذر. نحن نتقدم إلى الأمام لكننا ما زلنا بعيدين عن وجهتنا.
يمثل هذا التقرير مراجعة لمشهد التكنولوجيا المالية في مصر، وقد تم تقسيمه على جزئين: يتناول الجزء الأول الاستثمارات والجولات التمويلية التي تم حصدها، وتحليل تلك الجولات وأبرز اتجاهاتها، بينما يضم الجزء الثاني أبرز الاتجاهات التي شهدها عام ٢٠٢١ بالتركيز على الاستراتيجيات والاتجاهات الوظيفية والتنظيمية المختلفة.
أولًا: تحليل الاستثمارات وجولات التمويل:
قبل أن نبدأ في تحليل عام ٢٠٢١، سأخلص بشكل سريع أبرز ما ميز عام ٢٠٢٠ من حيث الاستثمارات: حصدت الشركات الناشئة في مصر والعاملة في مجال التكنولوجيا المالية، حوالي ٤٢-٤٥ مليون دولار، بجولتي تمويل مثلتا ما يبلغ حوالي ثلثي ذلك المبلغ، وهما جولة تمويل شركة Lucky التي جمعت فيها ١٥ مليون دولار، وجولة تمويل MNT Halan التي بلغت ١٤ مليون دولار. مثل ذلك الرقم تحسنًا مقارنة بأي شيء رأيناه حتى الآن، ولكنه لا يزال ضئيلًا للغاية بالنسبة لدولة بحجمنا وإمكاناتنا.
كان عام ٢٠٢١ أفضل بكثير من سابقيه، كما هو الحال مع باقي شركات التكنولوجيا المالية حول العالم، وكان ذلك مدفوعًا برغبة المستثمرين في البحث عن بيئة استثمارية بديلة ذات نسبة فوائد منخفضة.
تشير التقديرات التي قمت بها أن التمويل الذي جمعته شركات التكنولوجيا المالية المصرية، قد نما بنسبة هائلة بلغت ٣٨٠٪ على أساس سنوي ، وإن كان ذلك من قاعدة صغيرة، إلى مستوى قياسي بلغ ٢٠٠ مليون دولار، وشكلت حوالي أربع شركات ناشئة وهي: MNT-Halan و Lucky و Dopay و Paymob، بلغت نسبتها مجتمعة ٨٨٪ من هذا الرقم.
نظرة على أبرز الجولات التمويلية في العام الماضي من حيث الاستثمارات التي جمعتها الشركات الناشئة
استحوذ تطبيق MNT-Halan، للتكنولوجيا المالية، على نسبة بلغت حوالي ٦٠٪ من إجمالي الاستثمارات التي جمعتها شركات التكنولوجيا الناشئة المصرية، وحوالي ربع الاستثمارات التي جمعتها جميع الشركات الناشئة المصرية في عام ٢٠٢١، حيث جمعت الشركة الناشئة ١٢٠ مليون دولار، بقيادة المستثمرين: Apis و Development Partners International و Lorax Capital Partners و Middle East Venture Partners و Endeavor Catalyst و DisruptTech وغيرها.
توفر حالًا، التي دخلت في اتفاقية تبادل أسهم مع شركة MNT الهولندية، مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك: إقراض الأعمال الصغيرة والمتناهية الصغر، وحلول المدفوعات، وتمويل المستهلك، والتجارة الإلكترونية، والتسليم، وكذلك خدمات الشراء الآني والدفع اللاحق.
أصبحت شركة Lucky، المتخصص في العروض وحلول الدفع والشراء، أحد أفضل شركات التكنولوجيا المالية في مصر، الشركة التي نجحت في جمع استثمارات منذ نشأتها في ٢٠١٨، بقيمة ٤٤ مليون دولار، حيث تعمل حاليًا في مصر والمغرب وتقدم خدماتها لأكثر من ٦,٥ مليون عميل.
كما جمعت Dopay، وهي شركة ناشئة تقدم خدمات كشوف المرتبات والبطاقات المدفوعة مسبقًا لمن لا يتعاملون مع البنوك، استثمارًا بلغت قيمته ١٨ مليون دولار في جولة تمويل أولى Series A، خلال العام الماضي، لمواصلة تطوير عملياتها الحالية وتقديم خدمات جديدة.
كذلك جمعت Paymob، المتخصصة في حلول المدفوعات الرقمية، جولة تمويل من ٨ أرقام (تقدر بـ ١٥ مليون دولار) للمساعدة في دعم توسعها الإقليمي، وهو اتجاه أصبح أكثر شيوعًا بين التكنولوجيا المالية المصرية وواحد سنتناوله في الجزء الثاني من المراجعة.
توجد كذلك عدة شركات أخرى برزت خلال الفترة السابقة ومنها Sympl، المنافس القوي في مجال الشراء الآني والدفع اللاحق، حيث جمعت تمويلًا بقيمة ٥ ملايين دولار ونجحت في حصد الكثير من الاهتمام.
كذلك برزت Telda، الشركة الناشئة الواعدة التي نجحت في جذب استثمارات من شركة سيكويا لأول مرة في المنطقة، بالإضافة إلى شركة دايرة، ذات الإمكانات الكبيرة، والتي حصلت على دعم Y Combinator، فضلًا عن شركة أمنلي الناشئة، والمتخصصة في تكنولوجيا التأمين.
الاستثمارات الناجحة هي العلامة على المسير في الطريق الصحيح لتنمية النظام البيئي، ولكن علينا أن نتذكر أن جمع التمويلات هو وسيلة لتحقيق غاية، لذا نحتاج إلى الاحتفال بهذه الانجازات بحذر، وفي سياقها، إذ لا يزال الوقت مبكرًا جدًا لتحقيق النمو المنشود في بيئتنا لريادة الأعمال.
المستثمرون يدعمون مشاريعنا الخاصة بالتكنولوجيا المالية
إذا نظرنا إلى من استثمر في التكنولوجيا المالية المصرية في عام ٢٠٢١، فسنرى الشركات ذات الثقل المحلي والإقليمي من أمثلة: Flat6labs وجلوبال فينتشرز وألجبرا وغيرهم، حاضرة بشكل قوي، وفي هذا السياق يجب أن يُنسب الفضل لهم في إيمانهم بمجتمع رواد الأعمال في أيامه ومراحله الأولى.
بالإضافة إلى ذلك يوجد اتجاه جديد قد برز بشدة خلال الفترة الأخيرة، ويتمثل في دعم الشركات العالمية لشركاتنا الناشئة وروادنا الواعدين، فعلى سبيل المثال: استثمرت شركة سيكويا كابيتال أخيرًا في الشركات الناشئة في منطقتنا، من خلال شركة Telda.
كما زادت Y Combinator العالمية من استثماراتها في شركات التكنولوجيا المالية المصرية من شركة واحدة فقط في عام ٢٠٢٠ وهي Thndr التي جمعت ٢٥ مليون دولار، إلى ٣ شركات هي دايرة، وNowPay، وأمنلي.
بالإضافة إلى ذلك، رأينا وجودًا مستمرًا لمجموعات من المستثمرين الملائكة وشركات الأسهم الخاصة، ومن المهم بالنسبة لنا أن نركز جهودنا على جذب مختلف أنواع الاستثمارات، لتعزيز النمو في جميع النواحي.
تفاؤل حذر
على الرغم من النمو الملحوظ، إلا أن بيئة رواد الأعمال في منطقتنا لازالت بحاجة إلى المزيد من النمو، حيث تعاني من قلة عدد الشركات الناشئة خاصة في قطاع التكنولوجيا المالية، حيث حللت أبحاث Tellimer كثافة التكنولوجيا المالية -وهو مقياس غير تقليدي مقارنة بالمقاييس النسبية- عدد شركات التكنولوجيا المالية بالنسبة لعدد السكان، وأظهرت النتائج أن شركاتنا تتأخر عن نظيراتها في الأسواق الناشئة الأخرى.
بالنسبة للتمويل والاستثمارات، فإن إجمالي التمويل في قطاع التكنولوجيا المالية والبالغ ٢٠٠ مليون دولار لعام ٢٠٢١، يقل بشكل كبير عن إجمالي استثمارات ذات القطاع في الأسواق نظيراتنا، فمثلًا: تقدر قاعدة بيانات The Big Data أن شركات التكنولوجيا المالية في نيجيريا قد جمعت حوالي ٨٥٠ مليون دولار في العام الماضي، بينما جمعت تلك الموجودة في جنوب أفريقيا حوالي ٦٧٠ مليون دولار.
كما وقد شهدت البلدين معًا ما مجموعه ٥ جولات ضخمة، في مقابل جولة واحدة ضخمة شهدها السوق المصري، مما يؤكد أنه ما زال أمامنا الكثير لإنجازه في مشهد ريادة الأعمال المصري لقطاع التكنولوجيا المالية.
تميل بيئة التكنولوجيا المالية الناشئة في مجتمعنا، إلى جانب كونها صغيرة نسبيًا، نحو مدفوعات وإقراض الشركات الناشئة، السمة المشتركة لمعظم النظم البيئية الناشئة النامية.
أقدر أن نسبة ٨٠٪ من استثمارات التكنولوجيا المالية المصرية في العامين الماضيين ذهبت إلى هذين القطاعين: أي المدفوعات والإقراض، فعلى سبيل المثال: جمعت شركة Lucky غالبية الـ ٢٠٪ المتبقية.
نحن بحاجة إلى رؤية المزيد من التطورات في مجالات أخرى من النظام البيئي، بما فيها: الخدمات المصرفية الرقمية، والتأمين الصحي، والاستثمار وإدارة الثروات، فضلًا عن العملات المشفرة وغيرها من المجالات الرقمية المتطورة.
للتخليص، يمكن القول أنه في خلال ٢٠٢١، شهدنا المزيد من الاستثمارات التي تم جمعها من قبل العديد من الشركات الناشئة، والمزيد من المستثمرين يراهنون – رهانات أكبر – على شركات التكنولوجيا المالية الناشئة لدينا في مصر، الأمر الذي يعد إيجابي للغاية ويستحق الاحتفال، لكننا ما زلنا في البداية، لذا دعونا نتأكد من أننا نعمل جميعًا معًا لبناء نظام بيئي متطور ومبتكر ومستدام لمواصلة نمونا ومواكبة الأسواق الأخرى لتحقيق أهدافنا.
اقرأ أيضًا: حصاد ٢٠٢١| أكبر ١٠ جولات تمويلية لشركات ناشئة مصرية
اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.