fbpx

هل يمثل التمويل المستدام مستقبل الاستثمار في العالم؟

هل يمثل التمويل المستدام مستقبل الاستثمار في العالم؟
مصدر الصورة: UNCTAD


دفعت التحديات البيئية التي تواجه العالم، وأهمها التحديات المناخية، إلى ضرورة التفكير في حلول تمكن صناع القرار والأفراد، من مواجهة تلك التحديات، أو على أقل تقدير، تقليل الآثار الناجمة عنها، وقد برز اتجاه يربط ما بين الاستثمار والاستدامة، فيما عرف بـ التمويل المستدام، فما هو؟ وهل يمكن أن يمثل مستقبل الاستثمار في العالم؟

يشير مفهوم التمويل المستدام إلى الاستثمارات التي تضع بعين الاعتبار العوامل البيئية والاجتماعية وعوامل الحوكمة. فهو اتجاه يدعو البنوك والمستثمرين وكل لاعبي القطاع المالي في مختلف دول العالم، إلى الاهتمام بالبيئة والمجتمع ومعايير الحوكمة عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.

بالعودة إلى مؤتمر قمة الأرض الشهير، المنعقد في ريو دي جانيرو، عام ١٩٩٢، تم الحديث بشكل رسمي عن الحاجة إلى تعزيز سياسات الاستدامة في القطاع المالي بهدف الحفاظ على البيئة، وأعقب ذلك في مايو من العام ذاته، إطلاق المبادرة المالية التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة UN Environment Programme: Finance Initiative.

لذا، لا تعد هذه الممارسة جديدة، بل تمتد إلى بدايات القرن العشرين، حيث ظهرت عدة صناديق استثمارية تستثمر فقط في المشروعات البيئية، أو تلك التي تخدم البيئة وتراعيها، ولكن، تزداد الدعوة إلى اتباع هذا النهج مؤخرًا للحد الذي يتطلب عقد معاهدات، ووجود قدر من الالتزام على الدول والكيانات الاقتصادية الكبرى.

تمثل السندات الخضراء إحدى أشهر أدوات الاقتصاد المستدام، والتي تبنتها عدة بنوك في مختلف دول العالم، بما فيها البنك التجاري الدولي في مصر، الذي أعلن في ٢٠٢١ إطلاقه لأول سندات خضراء لدعم مشروعات التنمية والبيئة في مصر.

اقرأ أيضًا: “التجاري الدولي” يصدر سندات خضراء لأول مرة في مصر

وعلى الرغم من أن مفهوم التمويل الأخضر Green Finance يستهدف وضع الاعتبارات البيئية في أي نشاط اقتصادي، إلا أن مفهوم التمويل المستدام Sustainable Finance يعد أكثر شمولًا، إذ أنه يرتكز على ثلاث قضايا بالأساس:

  • قضايا البيئة، التي تتمثل في المناخ والمقدرات البيئية والموارد وغيرها.
  • القضايا الاجتماعية، والتي تتعلق بحماية حقوق الإنسان والحيوانات وعدم انتهاكها، وحماية المستهلك، فضلًا عن معايير المساواة والتنوع فيما يتعلق بالتوظيف.
  • قضايا الحوكمة، والتي تراعي البعد الإداري والشفافية، وحقوق المساهمين وغيرها.

 وقد أطلقت ثمانية بنوك مركزية ومراقبين ماليين، في عام ٢٠١٧، ما يعرف بـ Network for Greening the Financial System NGFOs، وهي المجموعة التي تهدف تسريع أعمال التحول إلى الاقتصاد الأخضر، من خلال البنوك المركزية بشكل رئيسي، وقد بلغ عدد أعضاء هذه المجموعة ١٠٥ عضو منهم: البنك المركزي الأردني، وسلطة دبي للخدمات المالية، و١٦ مراقب ومنهم: البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، وبنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الدولي، وصندوق النقد.

شهد الوطن العربي تحركًا طفيفًا في طريق تطبيق سياسات التمويل المستدام، ففي يوليو من العام الماضي ٢٠٢١، أصدر البنك المركزي المصري مجموعة من المبادئ الاسترشادية بهدف وضع إطار عام للتمويل المستدام وتطبيقه بالبنوك والمؤسسات المالية.

كما شهد ديسمبر الماضي كذلك، إعلان تأسيس أول إطار عام للتمويل المستدام في المملكة السعودية، من خلال مجموعة البنك الأهلي السعودي، بمشاركة بنك HSBC كمستشار لهيكلة الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة، عند وضع هذا الإطار، بهدف البدء في تطبيقه بما يتسق مع رؤية المملكة ٢٠٣٠ ومبادرة السعودية خضراء.

اقرأ أيضًا: البنك الأهلي السعودي يطلق أول إطار للتمويل المستدام في المملكة

على الرغم مما يشهده المجتمع الدولي من مبادرات وبرامج لتنفيذ استراتيجيات التحول للتمويل المستدام والاقتصاد الأخضر، إلا أن التحديات لا تزال قائمة فيما يخص معايير الشفافية المتعلقة بسلوكيات الشركات الكبرى، وحقيقة أن التكلفة المادية للمشاريع المستدامة قد تفوق غيرها، بما قد يشكل عبئًا على ممولي المشروعات والمستثمرين وغير ذلك، فهل يشهد العالم قريبًا تحولًا في ممارسات النظام الاقتصادي بأكمله، أم يقتصر الأمر على عدد من المبادرات إلى جانب مشروعات محدودة؟

اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.