٢٠٢٠ كان عاما حافلا بالأحداث بالنسبة لاستثمارات رأس المال الجريء في مصر، فقد كان لكوفيد -١٩ تأثيرا جذريا ومتنوعا بشكل كبير على الشركات التكنولوجية الناشئة، في حين شهدت بعض الشركات انخفاضا حادا في إيراداتها، أو حتى اختفائها بشكل تام، فقد شهدت شركات ناشئة أخرى نموا كبيرا في مبيعاتها وعدد عملائها.
ستشهد ٢٠٢١ زخما استثماريا قويا، من قبل المستثمرين المحليين والدوليين، الذين يرون في السوق فرصا جيدة. سأعرض بعض الأفكار حول ثلاثة من تلك الفرص:
١. دمج الخدمات المالية التقليدية بالتكنولوجيا
في ٢٠٢٠، أصبحت فوري أول شركة تكنولوجيا مالية في مصر تصل قيمتها السوقية إلى مليار دولار. أظهر نجاح فوري لكل من رواد الأعمال والمستثمرين أن شركات التكنولوجيا المالية المصرية يمكن أن تحقق عوائد استثمارية كبيرة.
تدفق الشركات الناشئة إلى السوق في ٢٠٢٠، أدى إلى توفير فرص كبيرة مثل إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة، والائتمان الاستهلاكي، وغيرها، وتختلف هذه الشركات من حيث نماذج العمل المختلفة، والميزة التنافسية، وطرقها في زيادة العملاء.
التكنولوجيا المالية المدمجة لديها فرص جيدة للنمو في عام ٢٠٢١. مثلا شركات التجارة الإلكترونية الآن في وضع جيد، يمكنها من تقديم أفضل الحلول الائتمانية للعملاء سواء المشترين أو الموردين. بالإضافة إلى ذلك، تتميز هذه الشركات في إدارة عملياتها، والوصول إلى البيانات، وتحسين العلاقة مع العملاء. اكتسبت التكنولوجيا المالية المدمجة مكانا متميزا الأسواق النامية في ٢٠٢٠، وتمثل فرصة واعدة لشركات التكنولوجيا في ٢٠٢١، خاصة تلك التي حققت نجاحا بالفعل.
٢. تكنولوجيا أكثر عمقا
تمكنت الشركات الناشئة المصرية من إطلاق تكنولوجيا منافسة عالميا. تتمتع شركات مثل Siware و Silicon Vision بسجل حافل على سبيل المثال، وأيضا شركة AveLabs نجحت في دمج التكنولوجيا بصناعة السيارات، تستفيد تلك الشركات من قدرات مجموعة صغيرة نسبيا من المهندسين والعلماء الذين تخرجوا من الجامعات الحكومية في مصر.
هذه المواهب تنضم حاليا إلى الشركات الناشئة التي تركز على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى. وهنا يتم خلق الميزة التنافسية من خلال التكنولوجيا، وليس فقط ابتكار نماذج أعمال جديدة أو تكرار نماذج نجحت في بلاد أخرى. بالنظر إلى الوراء، فإن أحد أفضل القرارات التي اتخذتها شركة فوري هو بناء منصتها الخاصة، وقد مكنها ذلك من تطوير منتجها بسرعة، والتي تم تخصيصها بدقة وفقا للمتطلبات المحلية، مما اكسبها قوة دفع في السوق بسرعة، وشكل هذا فارقا واضحا في المناقشات مع الشركاء المحتملين، خاصة الدوليين. مع المزيد من التنافس في قطاعات ريادة الأعمال في مصر، أصبح المستثمرون أكثر سعيا للاستثمار في الشركات الناشئة التي تقدم تكنولوجيا أكثر عمقا وقيمة. لقد رأينا ذلك بوضوح عندما تعاونت الشركات التي استثمرت فيها “الجبرا” مع مستثمري الدولة.
٣. قاع الهرم
عانت العديد من القطاعات في مصر من القصور وعدم الاهتمام، ومنها الزراعة على سبيل المثال، فقد افتقرت المزارع الصغيرة الوصول إلى كبار المشترين، بسبب كثرة الوسطاء، وغموض الأسعار، والمقاولين الذين يسيئون معاملة العمال، وغيرها من الأسباب.
هذه الأسواق الكبيرة مناسبة للشركات التكنولوجية، لذا تخاطب الموجة الجديدة من رواد الأعمال هذه الأسواق، حيث تجتمع خبرة رواد الأعمال والتكنولوجيا والكفاءة التشغيلية معا، لخدمة العملاء بطريقة غير مسبوقة.
قدمت شركة “حالا” تجربة في ذلك، فقد حققت ملايين الرحلات شهريا للشرائح الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة من السكان في المناطق الريفية. لقد أظهرت أن تبني التكنولوجيا في أماكن مثل القرى الصغيرة في صعيد مصر، قد وصل إلى نقطة التحول، وقد حذت شركة “تريلا” حذوها في مجال الشاحنات، وشركة “بريمور” في مجال التجارة.
بالإضافة إلى تلك المجالات الثلاثة التي أشرت إليها، فإن الشركات الناشئة في مجالات الزراعة والرعاية الصحية والتعليم والصناعات الأخرى لديها إمكانات هائلة لخلق قيمة اقتصادية، وتحسين حياة الناس، وبناء أعمال ذات قيمة. “شمول الخدمات” كما يطلق عليها شريكي كريم حسين، هي فرصة كبيرة في مصر لجذب المستثمرين هذا العام.
اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.