fbpx

الموضة السريعة والوجه القبيح لصناعة الملابس

<strong>الموضة السريعة والوجه القبيح لصناعة الملابس</strong>

لعلك تساءلت من قبل عن التكلفة الحقيقة لإنتاج بنطال من الجينز، أو زوج من الأحذية، ومهما كانت توقعاتك لذلك، فإن الكلفة الحقيقة أكبر بكثير، تلك هي الموضة السريعة التي تعد الوجه القبيح لصناعة الملابس.

بينما يمتلئ العالم كل عام بتخفيضات وعروض وشهور كاملة من الدعوة للتبضع والحصول على أكبر كم من المنتجات بشكل ممكن، سواء كنت بحاجة حقيقية إليها أم لا، يواجه الكوكب خطرًا حقيقيًا من جراء تلك النزعة الاستهلاكية التي تتزايد خاصًة عندما يتعلق الأمر بالملابس.

دائرة مفرغة

تقوم فكرة الموضة السريعة على ثلاثة عمليات سريعة: 

  • الإنتاج السريع: حيث ننتج كميات أكبر في وقت قصير 
  •  البيع السريع: العروض والتخفيضات وخدمات التوصيل السريعة التي تضمن حصولك على المنتج في اسرع وقت
  • الاستهلاك السريع: حيث يصبح القميص الذي لم يتم ارتداؤه سوى مرة أو مرتين، قديمًا، وبحاجة إلى الاستبدال 

ومن ثم إعادة هذه الدورة من البداية، حيث تأتي الصناعة الكثيفة للملابس، كنتيجة لتغير صيحات الموضة أكثر من مرة خلال العام الواحد، مما يخلق لدى المستهلكين الحاجة إلى مواكبتها، وبالتالي تتزايد النزعة الاستهلاكية.

شهد العالم زيادة في معدلات الاستهلاك غير المستدام، وتراجعت قيمة المنتجات التي تحافظ على جودتها لفترات زمنية طويلة، ففي دراسة أشارت إليها صحيفة الجارديان البريطانية، فإن عدد لا يستهان به من النساء يعتقدن أن البنطال الجينز قد أصبح قديمًا بعد ثاني استخدام له، فالأمر وعلى غرابته يسير في اتجاهين، فمن ناحية تنخفض كفاءة الملابس المصنعة بشكل متعمد من قبل العلامات التجارية المختلفة، ومن ناحية أخرى تزيد الرغبة في مواكبة الموضة الجديدة من جانب المستهلكين.

التكلفة الحقيقية للموضة السريعة

يشكل استهلاك كميات ضخمة من الموارد اللازمة لصناعة هذه الملابس أحد أبرز الانتقادات الموجهة لهذا القطاع، حيث تعد صناعة الملابس هي ثاني أكبر قطاع مستهلك للمياه على مستوى العالم، فعلى سبيل المثال، تبلغ كميات المياه المستخدمة في صناعة تيشيرت قطني واحد ما يزيد عن ألفي لتر من المياه، ولكي أساعدك على تخيل حجم المياه المهدرة، عليك فقط التفكير في متوسط كم المياه التي تحتاج لشربها بشكل يومي لمدة عامين ونصف .. نعم تلك هي الكمية المهدرة!

تأتي عملية صبغ الملابس كثاني أكبر ملوث للمياه في العالم، حيث تتأثر المسطحات المائية إما بعملية التخلص من مخلفات الصباغة، أو بعملية التخلص من الملابس عن طريق إلقائها في الأنهار والبحار وغيرها.

تؤثر صناعة الملابس السريعة كذلك على طبيعة المناخ، كما تتسبب صناعة الملابس في 10% من الانبعاثات الكربونية وهي نسبة تفوق تلك الانبعاثات الناتجة عن الرحلات الجوية والشحن البحري مجتمعين، وفقًا لما جاء في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي.

إلى جانب كم المشكلات التي تثيرها صناعة الموضة السريعة على الكوكب والبيئة، إلا أنها تثير كذلك مشكلات أخلاقية تتعلق بوضع العاملين في مصانع أشهر العلامات التجارية، خاصة في دول آسيا، حيث يعاني العامل من ضعف راتبه وعدم وجود ظروف آدمية تمكنه من العمل بشكل لائق، فضلًا عن عدم احترام مواثيق العمل الدولية فيما يخص الأمور التنظيمية كالإجازات والالتزام بساعات العمل المحددة وغيرها.

الموضة البطيئة كرد فعل

تبنت عدة منظمات دولية العديد من المبادئ التي تهدف إلى جعل عملية صناعة الملابس أكثر بطئًا واستدامة، حيث دعا معهد الموارد العالمية، ومقره واشنطن، الشركات الكبرى إلى ابتكار طرق وخامات لصناعة الملابس بشكل يطيل من عمرها الافتراضي. 

كما أصبحت الدعوة إلى استبدال الخامات الضارة بالبيئة بغيرها من الخامات الأكثر استدامة، حلًا مطروحًا، حيث أطلقت الأمم المتحدة برنامجًا باسم ” التحالف من أجل موضة مستدامة”، وبالفعل تبنت عدة علامات تجارية كبرى مثل: جوتشي التي اعتمدت خلو منتجاتها من الفرو الحيواني، وكذلك أديداس التي أعلنت 

يمثل أسبوع الموضة في نيويورك أحد أهم المبادرات التي انطلقت في ٢٠٢٠ لزيادة الوعي بهذه القضية وتشجيع المستهلكين على أن يكونوا أكثر حكمة في إنفاقهم، فضلًا عن حملات التوعية التي تستهدف جعل الأفراد أكثر روية فيما يتعلق بقرارات الشراء الخاصة بهم، وتشجيعهم على إعادة شراء الملابس المستعملة كجزء من سياسة تقليل الإنتاج وإعادة التدوير.

اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.