fbpx

سمارت هاند.. يد ممتدة لأطفال سوريا

الشركة تستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة أطراف صناعية لضحايا الحرب
سمارت هاند.. يد ممتدة لأطفال سوريا
فقد لؤي يده بعد أن ضربت قذيفة حارتهم في حلب

بحلول أبريل ٢٠١٦، كانت مدينة حلب السورية قد تحولت إلى أنقاض.

القصف بالبراميل من أعلى، وبمدافع وصواريخ الميلشيات على الأرض، دمر أغلب معالم المدينة. ذلك لم يمنع لؤي ورفاقه من اللهو كالعادة في الحارة المجاورة لمنزلهم، حتى وإن تحولت بيوتها خرائب.

يروي أحمد محمد، والد لؤي ماحدث في تلك الليلة: “كنت في العمل، وسمعت أهل الحارة وجيراننا يصيحون، قذيفة ضربت، وفقد لؤي يده، أخذناه للمستشفى وعالجوه بالإمكانيات الضعيفة المتواجدة”. القذيفة الطائشة بترت الذراع الأيمن للؤي، ذي الست سنوات.

  بعد رحلة بحث استمرت عامين، سمع محمد عن شركة ناشئة تدعى سمارت هاند Smart Hand، معنية بتقديم أطراف صناعية للأطفال المتأذين من الحرب. يقول محمد “تواصلت مع الشركة لعرض حالة لؤي، حددوا لنا موعدا، واستقبلونا لشرح الوضع بالتفصيل”.

سمارت هاند شركة سورية ناشئة تصنع أطرافا صناعية علوية، كالأيدي والأذرع والأصابع، للأطفال باستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى مدهم بالدعم النفسي والمعنوي. أطلق الشركة المهندس أحمد حاج موسى بمدينة حلب في ٢٠١٨، بعد تعرفه على طفل فقد أصابعه الخمسة، أثناء تطوعه بالهلال الأحمر. يتذكر موسى: “قررت تصنيع طرفا صناعيا لهذا الطفل، عندما رأيت كيف استطاع التعامل بعدها بشكل طبيعي، وكيف ساعده الطرف في تعاملاته اليومية، قررت البدء في المشروع”.

“كانت سعادة لؤي باليد كبيرة، كان يحركها طوال الوقت، ويحمل لها أغراض، حتى أنه كان يريد النوم بها”

أحمد محمد، والد لؤي

تتميز الأطراف الصناعية التي تطورها سمارت هاند بسهولة الحركة، لتمكين مستخدميها من الاعتماد على أنفسهم بشكل كلي، والتهوية الجيدة حتى لا تسبب لهم إزعاجا، كما تستخدم الشركة مواد بلاستيك حيوية لضمان خفة وزن الطرف، حتى لا تسبب مشاكل في الرقبة والعمود الفقري.

منذ اندلاع الحرب في سوريا، عانى أكثر من ٥٠ ألفا من إصابات أدت إلى بتر عضو من أجسادهم. لاتحاول سمارت هاند فقط تركيب الأطراف، بل أيضا تقديم جلسات نفسية لمساعدة الأطفال على التقبل، وتهيئتهم للتعامل بها، بجانب التوعية المجتمعية بتقديم محاضرات للأهالي.

استطاع لؤي باليد الجديدة التعامل بشكل طبيعي مع كل ما حوله، واللعب مع الأطفال، “كانت سعادة لؤي باليد كبيرة، كان يحركها طوال الوقت، ويحمل بها أغراض، حتى أنه كان يريد النوم بها”، والحديث لمحمد الذي يرى أن أهم ما قدمته سمارت هاند للؤي هو العلاج النفسي من خلال من جلسات لمعرفة آثار الحرب عليه، ومساعدته على تقبل نفسه وسط أصدقائه.

“بدأنا في بيت نزوح مساحته لا تتجاوز ٤ أمتار، يسع لطابعة واحدة فقط”

آحمد حاج موسى، المدير التنفيذي لسمارت هاند

يتذكر موسى حكاية أخرى لطفلة فقدت يدها بسبب قذيفة: “كانت بتول تمشي مع أسرتها، حين أصابتهم قذيفة، ففقدت أسرتها كلها وتولت جدتها رعايتها”. تولت سمارت هاند رعاية بتول نفسيا وماديا، وساعدوها على استكمال دراستها. يقول موسى أن العلاج النفسي ساعد الطفلة بشكل كبير على تجاوز تلك المرحلة.

“بدأنا في بيت نزوح مساحته لا تتجاوز ٤ أمتار، يسع لطابعة واحدة فقط” كانت تلك أحد الصعوبات التي واجهت الشركة كما يقول موسي٬ إضافة إلى صعوبة شحن المواد الأولية لسوريا، وانقطاع الكهرباء بشكل مستمر، رغم ذلك استطاع موسى تمويل الشركة ذاتيا مع شركائه أملا في التوسع والوصول بفكرتهم لكل مدن سوريا.

في ٢٠١٩، أطلقت الشركة مشروع أبطال سمارت هاند Smart Hand Heroes لتوفير أطرافا صناعية ملونة للأطفال. يقول موسى: “جاء عندنا طفل يريد يدا على شكل باتمان، فصنعنا له يد تحمل نفس الألوان، وكان تقبل الطفل رائع جدا، ذهب إلى مدرسته، وقال لزملائه أنا مميز وعندي يد باتمان”، مضيفا أن  سمارت هاند تعمل حاليا على توفير ١٠٠ طرف صناعي للأطفال خلال ٢٠٢٠.

“من رحم الحرب يولد الإبداع”، يختتم موسى حديثه، فهو يرى أن فكر ريادة الأعمال في سوريا ازداد بعد أزمة الحرب، فالتحدي أصح أكبر لدى الشباب السوري لتطوير بلدهم من جديد.

اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.