fbpx

ملائكيون.. وليس مغفلون

ملائكيون.. وليس مغفلون
ملائكة

أتذكر تنظيم أول حدث لعرض أفكار الشركات الناشئة أمام شبكة المستثمرين الملائكيين بالقاهرة (كايرو إنجلز) أواخر ٢٠١١ في فندق كيمبنكسي جاردن سيتي، والذي مازلنا نتقابل فيه حتى اليوم. ستة أصدقاء انضموا للحدث. تبادلنا النكات حول فيلم “ملائكة شارلي”، وناقشنا القواعد المنظمة لليوم، ثم قابلنا الدفعة الأولى من الشركات. في تلك الأيام، كان الاستثمار الملائكي أشبه بهواية غريبة، أكثر منه بيزنيس جاد. مادة مناسبة للدردشة على العشاء، وفرصة كي نكيل الشكر لأنفسنا على تمتعنا بحس المسؤولية المجتمعية.

كنا نعلم أننا نقتحم مجالا جديدا تماما، وأن السنة الأولى قد تمتلئ بالإخفاقات، وأن أي استثمارات نضخها، حتى ولو في شركات متواضعة الأداء، فإنها تبني حجر الأساس لبيئة ريادة الأعمال، لنا ولغيرنا. اليوم، تستقبل كايرو إنجلز وحدها ٤٠٠ طلب سنويا، واستثمرت ٢,٤ مليون دولار في ٢٥ شركة.

مثل غيرنا من المستثمرين الملائكيين، تحلينا بالصبر، وساندنا رواد الأعمال بإعادة الاستثمار في شركاتهم. مثل غيرنا، فإن بعض شركات حافظتنا الاستثمارية انتهت للأبد، وبعضها يصارع من أجل البقاء على قيد الحياة. لكن في ذات الوقت، لاحظنا تغيرات ضخمة. نحن نرى الآن جولات تمويلية أولية وثانوية، إضافة لمستثمرين آخرين في مفاوضات للحصول على أرباحهم والتخارج.   نعلم أن المستثمر الملائكي في وادي السليكون يتخارج من الشركات التي يستثمر فيها بعد ٣ إلى ٤ سنوات في المتوسط. في مصر، أصبح لدينا تقدير مبدئي عن فترة التخارج.. ٦ إلى ٨ سنوات؟

المستثمرون الملائكيون المصريون.. سمعتهم أنهم منشغلون دائما، ومبتدئون، وغير قادرين على أن يغلقوا صفقات جيدة لصالحهم

لكن، إن كان مجتمع المستثمرين الملائكيين يظنون أن ساعة جني الأرباح قد حانت، فعليهم التفكير مرة ثانية. المؤسسات الاستثمارية كانت تراقب الأوضاع من بعيد، وتنتظر أن يتولى غيرهم تأسيس البنية التحتية. قلما يفضلون الاستثمار المباشر والولاية على الأسهم، بقدر مايعتمدون على الإقراض ومنح تسهيلات مالية لاتجبرهم على الارتباط بهذه الشركات على المدى البعيد. بتعبير آخر، فإن بعض هؤلاء المستثمرين الفطنين يعرضون اليوم شراء أنصبة المستثمرين الملائكيين، أو أجزاء منها. وحين يحصل المستثمر الملائكي على عرض للتخارج، فإنه يحصل على دور متأخر مقارنة ونسب أقل من باقي مالكي الحصص والمستثمرين، وهو مايعني في النهاية حصوله على الفتات. إن استمرت هذه الظاهرة، فإن المستثمرين الملائكيين سيكونوا الخاسر الأكبر في هذه المنظومة، وهو خبر سيئ للجميع. إننا لو فقدنا الاهتمام وتوقفنا عن الاستثمار، فإن ذلك سيؤثر سلبا على الكل. فحتى اليوم، الغالبية العظمى من أكبر الشركات الناشئة المصرية الناجحة لجأت في لحظة أو أخرى لمستثمر ملائكي كي يساعدها على النهوض.

يحظى المستثمرون الملائكيون بسمعة طيبة، لأنهم أقل عدوانية مع مؤسسي الشركات الناشئة، خاصة فيما يتعلق بشروط الاستثمار، وتقييم الشركة، وأنهم أكثر تساهلا في تقارير نفي الجهالة. لهذا نسمى “ملائكيون.” المراحل المبكرة التي نستثمر فيها بالشركات، يكون حجم المخاطرة ضخما، والمتغيرات كثيرة، بشكل يجعل النظرة الشاملة للفريق والفكرة والمستقبل المنتظر أكثر جدوى من كل ذلك. لكن المستثمرون الملائكيون المصريون (وربما بعض الإقليميين أيضا)، سمعتهم أنهم منشغلون دائما، ومبتدئون، غير قادرين على أن يغلقوا صفقات جيدة لصالحهم، وأنهم لاينتبهون للشياطين الكامنة في التفاصيل. لو كان هذا الكلام صحيحا، فإننا نستحق إذا أن نخسر ثمار عملنا واستثمارتنا لصالح الآخرين.

تحدث عن أهمية أن يحصل المستثمر الملائكي على حق التخارج أولا وبشكل مبكر عن المؤسسات الاستثمارية. يجب أن يصبح ذلك عرفا شائعا.

لهذا، أرى أن على كل مستثمر ملائكي أن يطبق ٣ خطوات:

الأولى هي التمسك بشراسة بحقوقك القانونية، في أن يكون لك أولوية في التخارج، أو على الأقل جنى الأرباح جزئيا من كل اتفاق لبيع الحصص أو الحصول على قروض. وبما أننا فتحنا هذا الموضوع، فكلما وجدت نفسك جنبا إلى جنب مع صندوق رأسمال مغامر مهتم بالشركات الناشئة، أو بنك تنمية يمولهم، تحدث عن أهمية أن يحصل المستثمر الملائكي على حق التخارج أولا وبشكل مبكر عن المؤسسات الاستثمارية. يجب أن يصبح ذلك عرفا شائعا.

الثانية، تواصل مع عدد من شبكات الاستثمار الملائكي كي تستفيد من وفورات الحجم الكبير. إن التكاليف القانونية وحدها قادرة على إفساد صفقاتنا، أو على الأقل تقليل شهيتنا لها. لكن الشبكات، مثل شبكة كايرو إنجلز، لديها نماذج جاهزة جيدة، فضلا عن سنوات من الخبرة التي سنسعد بشدة في أن نشاركها معك. اعتمد على البنية التحتية التي أسسناها.

الثالثة، هو أننا علينا أن نعمل بجد. لاتدخل مجال الاستثمار الملائكي إن كنت لاتنوي أن تتعلم، وتقرأ الوثائق، وتحسب الأرقام. إنك تفعل ذلك بالفعل في استثماراتك بالعقارات والسندات مثلا. افعلها أيضا في استثماراتك بالشركات الناشئة.

إن كنت غير قادر على أن تستجمع قواك لهذه المهمة، فإن دخولك للاستثمار الملائكي سيجعلك بالفعل مغفلا.

تواصل معي إن احتجت المساعدة.

إن كان لديك أي تعليق أو إضافة أو تصحيح، يرجى الرجوع إلى قسم السياسة التحريرية.

اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.

حسام علام

مؤسس كايرو إنجلز