fbpx

رحلتي مع رواد الأعمال| كيف تغير الشركات الناشئة اتجاهها في الأوقات الحرجة؟

رحلتي مع رواد الأعمال| كيف تغير الشركات الناشئة  اتجاهها في الأوقات الحرجة؟

يعتقد الكثير من رواد الأعمال أنهم يحتاجون لتغيير اتجاه ونشاط شركاتهم كي ينقذوها من الانهيار خلال الفترة القادمة. هذا صحيح في أحوال كثيرة، لكن ذلك يعتمد على كيفية تعريفهم لهذه العملية، التي تعرف باسم إعادة التمحور Pivot. 

خلال جلسات إرشاد مع شركات ناشئة على مدار الأيام الماضية، سمعت نفس الاقتراح يتكرر يوميا تقريبا: “سنغير اتجاه الشركة، ونبيع مطهرات يدوية، وكمامات، ونوصل طلبات البقالة للمنازل”! 

من سيشتري بقالة من شركة تتخصص أصلا في السياحة؟ من سيطلب مطهرات لليد من شركة توصيل طعام؟ هذا النوع من الاقتراحات لايندرج مطلقا تحت مسمى إعادة التمحور، أو الابتكار الذي قد يساعد الشركة على تجاوز محنتها. 

إن كان لديك قدرة على تنفيذ عملية إعادة تمحور لمرة واحدة في شركتك بنجاح، فأنت بطل حقيقي، فهو أمر يكاد يستحيل تكراره أو تنفيذه عدة مرات.

إذا، ماهو إعادة التمحور؟ 

يعرف إريك ريس في كتابه الشركة الناشئة المرنة Lean Startup، مفهوم إعادة التمحور بأنه تغيير الاستراتيجية دون تعديل في  الرؤية.  إن طبقنا هذا التعريف على النماذج السابقة، فسنفهم بالضبط أين يقع الخطأ.  يعتقد البعض أيضا أن إعادة التمحور هو مهرب سهل لأي مشكلة يواجهها البيزنيس، وهذه بالطبع أسطورة  كبرى. 

إن كان لديك قدرة على تنفيذ عملية إعادة تمحور لمرة واحدة في شركتك بنجاح، فأنت بطل حقيقي، فهو أمر يكاد يستحيل تكراره أو تنفيذه عدة مرات. إنها عملية ستضغط على مواردك، وتستهلك مخزونك المالي. والأهم من ذلك، أن تغيير اتجاه ونشاط الشركة أكثر من مرة هو وسيلة مضمونة كي تخسر فريقك وإيمانه بك. ولا تنس أن قرار إعادة التمحور الآن يزداد تعقيدا، حيث يمر العالم كله بواحدة من أسوأ الظروف الطارئة وأكثرها تحديا. 

خذ نفسا عميقا، وخطوة للوراء، وأعد التفكير. 

إن كنت شركة ناشئة في مرحلتها الأولى، فلا تقدم على إعادة التمحور. بدلا من ذلك، أجل موعد انطلاقك. الآن ليس وقتا مناسبا للبدء. إلا بالطبع إن كان لديك قيمة فريدة Value Proposition لها أهمية خاصة تحت هذه الظروف الاستثنائية، فهنيئا لك. إن لم يكن الأمر كذلك، تحل بالصبر، وانتظر الموعد المناسب للبدء في تنفيذ خطتك الأصلية.  

إن كان عمر شركتك سنتين أو ثلاثة، وتعاني من نزيف الخسائر بسبب الأوضاع الحالية، فعلينا إذا أن نتحدث عن إعادة التموضع. 

عليك أن تقيم بنيتك التحتية بشفافية ووضوح. بعبارة أخرى، اسأل نفسك، ما الذي بنتيه بكل الوقت والجهد والأموال التي بذلتها منذ بداية الشركة حتى اليوم؟

كيف أغير اتجاه أو نشاط الشركة؟ 

أولا، عليك أن تقيم بنيتك التحتية بشفافية ووضوح. بعبارة أخرى، اسأل نفسك، ما الذي بنتيه بكل الوقت والجهد والأموال التي بذلتها منذ بداية الشركة حتى اليوم؟  طبقا لنوع القطاع الذي تعمل به، فالإجابة قد تختلف. قد يكون العنصر الأقوى في بنيتك التحتية هو فريق تسويق ومصممين ومبيعات قوي، أو قدرات انتاجية او شبكة توزيع فعاله. في كل الأحوال، فإن بنيتك التحتية هي مفتاح عملية إعادة التمحور، فكن واقعيا في تقييم قدرتها على التحمل، وأقصى مستوى ممكن إنتاجيتها.  

ثانيا، حان الوقت للحديث عن القيمة الفريدة  Value Proposition في شركتك. عليك أن تركز تفكيرك على هذه القيمة، وليس على المنتج. ليس المهم هو ما تبيعه، لكن المهم هو الفارق الذي تتركه  في حياة زبائنك. المهم هو أسلوب حلك لمشكلة يواجهها العميل، وليس شكل وتصميم الحل الحالي الذي تقدمه. 

ركز على هذه القيمة، وحاول أن تفهم مكوناتها، وتحدد أي من هذه المكونات بالضبط كان الأكثر جذبا لزبائنك. بعدها، يمكن أن توقف العمل في كل شيء موقتا، وتركز كل جهدك في إطلاق منتج أو خدمة جديدة تستهدف هذه القيمة بشكل مباشر. 

كي نوضح الأمر، لنضرب مثالا

خلال واحدة من جلسات الإرشاد، قابلت شركة ناشئة تبيع اشتراكات مقابل الحصول على صناديق غذاء صحية ومعلبة لطلاب المدارس. بعد كوفيد- ١٩، انهار السوق بين يوم وليلة. المدارس أغلقت. الآباء  والأمهات فقدوا الحاجة لخدماتهم، فأوقفوا اشتراكاتهم. 

 مؤسسو الشركة أحسوا أنها نهاية العالم. حاولوا أن يعرضوا صناديق جاهزة للمقرمشات الصحية والوجبات الخفيفة للأطفال في المنزل، لكن المنتج الجديد لم ينجح. 

حين سألتهم ماهي القيمة التي تقدمونها للآباء، قالوا: “صناديق غذاء للأطفال معدة مسبقا”. الإجابة تدل على وقوعهم في الخطأ الشائع: أنهم ركزوا على المنتج وليس على القيمة. 

القيمة الحقيقية لشركتهم هي: تمكين الآباء من العناية بأطفالهم بفاعلية أكثر وجهد أقل. هذه هي القيمة! وفور تعريفها، صارت المناقشة بيننا أكثر حيوية وأنتجت أفكارا أكثر نضجا. السؤال الأهم هنا هو: “كيف يمكن أن نركز على هذه القيمة لنقدم منتجا أكثر مناسبة للوضع الحالي؟”

الإجابة: أغلب الآباء والأمهات الآن يقضون مع أبنائهم ٢٤ ساعة في اليوم، ٧ أيام في الأسبوع. هذا يعني أنهم لايملكون دقيقة واحدة للاعتناء بأنفسهم، العناية بأطفالهم صارت مهمة أكثر صعوبة، وتستهلك أضعاف الوقت والجهد. لقد فقدوا التوازن الذي كانت تحققه المدارس، حيث كانت  توفر لأولياء الأمور وقتا بعيدا عن أطفالهم كل يوم.  

ركز على القيمة، واستخدم البنية التحتية المتاحة كي تنفذ عملية إعادة التمحور سريعا. المنتج الذي تقدمه قد يفقد أهميته تماما بشكل مؤقت بسبب الظروف الطارئة، لكن القيمة التي تقدمها ستظل محافظة على نفس أهميتها

كيف يمكن استعادة هذا التوازن إذا؟  

ماذا إن قدمنا للآباء صندوقا من الألعاب المرحة، والألوان، والكتب التعليمية والترفيهية التي تستطيع أن تشغل الأطفال ساعتين يوميا، فتعطي للآباء والأمهات وقتا مستقطعا من الراحة المستحقة؟ ألا يعد ذلك تقديما لنفس القيمة، ولكن بمنتج مختلف؟ المنتج الأول صندوق من الطعام، والثاني صندوق من الألعاب، لكن الإثنين يقدمان نفس القيمة: توفير الوقت والجهد لأولياء الأمور المرهقين. 

بالبناء فوق بنية تحتية موجودة بالفعل، مثل شبكات التوصيل، وقواعد بيانات المشتركين، استطاعت الشركة أن تعيد للآباء إحساسهم المفقود بالتوازن، وقدرتهم علي الاعتناء بأطفالهم بأسلوب فعال. 

لذا، ركز على القيمة، واستخدم البنية التحتية المتاحة كي تنفذ عملية إعادة التمحور سريعا. المنتج الذي تقدمه قد يفقد أهميته تماما بشكل مؤقت بسبب الظروف الطارئة، لكن القيمة التي تقدمها ستظل محافظة على نفس أهميتها. جسد هذه القيمة في منتج جديد أو خدمة جديدة. واستلهم الأفكار الجديدة من عملائك دائما وأبدا. 

مع خالص احترامي. 

اذا كنت ترى شيءً غير صحيح او ترغب بالمساهمه في هذا الموضوع، قم بمراجعه قسم السياسة التحريرية.